نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 142
و كذلك فاعلم أنّ المجاز أولى بالاستعمال من الحقيقة في باب الفصاحة
و البلاغة، لأنّه لو لم يكن كذلك لكانت الحقيقة التي هي الأصل أولى منه حيث هو فرع
عليها، و لييس الأمر كذلك، لأنّه قد ثبت و تحقق أنّ فائدة الكلام الخطابي هي إثبات
الغرض المقصود في نفس السامع بالتخييل و التصور حتى يكاد ينظر إليه عيانا.
ألا ترى أنّ حقيقة قولنا: «زيدأسد» هي قولنا: «زيدشجاع»، لكنّ هناك فرقا بين القولين في التصوير و التخييل و إثبات
الغرض المقصود في نفس السامع، لأنّ قولنا: «زيدشجاع» لا يتخيل منه السامع سوى رجل جريء مقدام، فإذا قلنا: «زيدأسد» يخيل عند ذلك صورة الأسد و
هيئته و ما عنده من البطش و القوة و دق الفرائس، و هذا لا نزاع فيه»[1].
فأعجب ما في العبارة المجازية عنده أنّها تنقل السامع عن خلقه
الطبيعي في بعض الأحوال، فإذا البخيل سمح جواد، و الجبان شجاع، و الطائش حكيم حتى
إذا قطع عنه ذلك الكلام و أفاق من نشوته عاد إلى حالته الأولى، و هذا هو فحوى
السحر الحلال المستغني عن إلقاء العصا و الحبال.
و أخيرا يشير ابن الأثير إلى ضرورة العدول عن المجاز إلى الحقيقة إن
لم يكن فيه زيادة فائدة عليها، و في ذلك يقول: «واعلم أنّه إذا ورد عليك كلام يجوز أن يحمل معناه على طريق الحقيقة و
على طريق المجاز باختلاف لفظه فانظر، فإن كان لا مزية لمعناه في حمله على طريق
المجاز، فلا ينبغي أن يحمل إلّا على طريق الحقيقة لأنّها هي الأصل و المجاز هو
الفرع، و لا يعدل عن الأصل إلى الفرع إلّا لفائدة ... و هكذا كل ما يجيء من
الكلام