ولمّا كان ههنا
مظنّة اعتراض (١) وهو أنّ إفراد الاسم يدلّ على وحدة معناه والاستغراق يدلّ على
تعدّده ، وهما (٢) متنافيان.
وأجاب عنه (٣)
بقوله : [ولا تنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم لأنّ الحرف] الدّالّ على الاستغراق
كحرف النّفي ، ولام التّعريف [إنّما يدخل عليه] أي على الاسم المفرد حال كونه [مجرّدا
عن] الدّلالة على [معنى الوحدة]
(١) أي لمّا
كان في قوله : «واستغراق المفرد أشمل» موضع اعتراض مظنون.
وحاصله :
إنّ إدخال أداة
الاستغراق على اسم الجنس المفرد لا يجوز ، لأنّ الاسم المفرد لكونه في مقابل
التّثنية والجمع يدلّ بأفراده على وحدة معناه ، وأداة الدّاخلة عليه للاستغراق
تدلّ على تعدّده ، ويمتنع أن يكون الشّيء الواحد واحدا ومتعدّدا في حالة واحدة ،
فبطل كون المفرد مستغرقا ، لأنّ الوحدة والتّعدّد متنافيان ، فلا يجتمعان.
(٢) أي الوحدة
والمتعدّدة.
(٣) أي أجاب
المصنّف عن الثّاني ، والاعتراض المذكور بجوابين :
الأوّل
: بتسليم أنّ
الوحدة تنافي التّعدّد بأن يقول : سلّمنا التّنافي بينهما لكن أداة الاستغراق
المفيدة للتّعدّد إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة ، كما أنّ علامة التّثنية
والجمع إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة.
الثّاني
: بمنع تنافيهما
بأن يقول : لا نسلّم أنّ الوحدة تنافي التّعدّد ، لأنّ معنى الوحدة عدم اعتبار
اجتماع أمر آخر معه ، والمفرد الدّاخلة عليه أداة الاستغراق معناه كلّ فرد فرد
بدلا عن الآخر ، بحيث لا يخرج فرد من الأفراد الّتي يصدق عليها حقيقة أو عرفا ،
وهذا لا ينافي الوحدة ، وليس عبارة عن مجموع الأفراد حتّى ينافي هذا ، لكنّ الأولى
للمصنّف تقديم الجواب الثّاني على الأوّل ، لأنّ الأوّل بالتّسليم ، والثّاني بالمنع
، والشّأن عند المناظرة تقديم المنع على التّسليم ، ويمكن الجواب عنه بأنّه اختار
التّدريج بالإرخاء أوّلا ، وبالرّد ثانيا ، كما في الدّسوقي.