نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 879
فَتابَ عَلَيْكُمْ [البقرة/ 54]، و هى على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ، قال
الطيبىّ و غيره: هى على هذا فصيحة، ظاهره أنّ الفاء على التقدير الثاني فصيحة، ثمّ
قال: و لا يبعد أن يقال: إنّ المراد من قوله على هذا أي على أنّها محتملة لهذين
المعنيين، انتهى.
و الأكثرون على الثالث: و هو أنّ تسميتها فصيحة على التقديرين، و هو
الّذي حققّه العلّامة التفتازانيّ في شرح المفتاح، قال: و جعلت فصيحة[1]على
الوجهين لإفصاحها عن المحذوف أو وصفا لها بوصف صاحبها كالكتاب الحكيم، أو لكونها
فصيحة لما فيه من تقليل الحذف. و توهّم بعضهم أنّ تسميتها فصيحة أنّما هو على
التقدير الأوّل، إذ على تقدير الشرط تكون جزائية لا فصيحة، و ذهب عليه أنّ كونها
فصيحة بناء على إفادة المعنى البديع، و الوقوع بذلك موقع الحسن لا ينافى كونها
جزائية في أصلها، كما لا ينافي كونها عاطفة، و أنّ المشهور فيما بينهم في الفاء
الفصيحة ما يقع هذا الموقع من الجزاء، حتّى جعلوا العلم فى ذلك قول الشاعر [من
البسيط]:
أى إن كان أقصى المراد بنا خراسان فقد جئناها، فلو ادّعى أنّ الفصيحة
إنّما هي هذه لم يبعد، انتهى.
و لا يلزم تقدير إن مع الشرط المحذوف، بل يجوز تقدير إذا الشرطية
أيضا، بل هو الغائب، تقول: زيد فاضل فأكرمه، أي إذا كان كذا فأكرمه، و في التتريل:أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ* قالَ فَاخْرُجْ [ص/ 77 و 76]، أي إذا كان عندك هذا
الكبرفَاخْرُجْ،قالَ رَبِّ
فَأَنْظِرْنِي [ص/
79]، أي إذا كنت لعنتني فانظرني، و:
قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ [ص/ 80]، أى إذا اخترت الدنيا على الآخرة:فَإِنَّكَ مِنَ
الْمُنْظَرِينَ،قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ [ص/ 82]، أى إذا أعطيتني هذا المراد فبعزّتك لأغوينهم، و مثله كثير في
القرآن المجيد و غيره.
تنبيه:قد تكون فاء السببيّة بمعنى اللام السببيّة كقوله تعالى:فَاخْرُجْ مِنْها
فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [ص/
77]، و تقول: أكرم زيدا فإنّه فاضل، و هذا تدخل على ما هو الشرط في المعنى، كما
أنّ الفصيحة دخلت على ما هو الجزاء في المعنى في نحو: زيد فاضل فأكرمه، إذ المعنى
كما مرّ: إذا كان كذا فأكرمه، و تعكسه هنا فتقول: أكرم زيدا فإنّه فاضل.