نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 811
فهمه فلا يستحيل كما في قوله تعالى:أَ أَنْتَ قُلْتَ
لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ [المائدة/ 116]، فهو استفهام حقيقيّ، طلب به إقرار عيسى (ع) في ذلك
المشهد العظيم بأنّه لم يقل، ليحصل فهم النصارى ذلك، فيتقرّر عندهم كذبهم فيما
ادّعوه، انتهى، فتأمّل.
و يرادف الاستفهام الاستخبار، و قيل: الاستخبار ما سبق أوّلا، و لم
يفهم حقّ الفهم، فإذا سئلت عنه ثانيا كان استفهاما، حكاه ابن فارس[1]في فقه
اللغة، و الهمزة أصل أدواته، و ما عداها نائب عنها، قاله ابن مالك في المصباح.
فيطلب «بها»أي الهمزة «التصور»أي إدراك غير النسبة، و «التصديق»أي
إدارك وقوع النسبة، و هو التصديق الإيجابيّ، أولا وقوعها، و هو التصديق السلبيّ،
فطلب تصوّر المسند إليه، «نحو: أزيد
في الدار أم عمرو، و أدبس[2]في الإناء أم عسل، فإنّك عالم بكون
شخص في الدار و شيء في الإناء، و إنّما تطلب تعيينه، و طلب تصوّر المسند نحو: أ
في الدار زيد أم في السوق، و أ في الخابية[3]دبسك أم في الزّق[4]، فإنّك تعلم بأنّ زيدا محكوم عليه بالكينونة في الدار أو في السوق، و
أنّ الدبس محكوم عليه بالكينونة في الخابية أو الزّق، و إنّما المطلوب تعيين ذلك.
هذا قول الجمهور، و قال السّيّد الشريف: القول بأنّ الهمزة في مثل
قولك: أ دبس في الأناء أم عسل؟ لطلب تصوّر المسند إليه أو المسند أو غيرهما مبنيّ
على الظاهر توسّعا، و التحقيق أنّها لطلب التصديق أيضا، فإنّ السائل قد تصوّر
الدبس و العسل بوجه، و بعد الجواب لم يزد له في تصوّرهما شيء أصلا، بل بقي تصوّرهما
على ما كان، فإن قيل:
التصديق حاصل له حال السؤال، فكيف يطلب؟ أجيب بأنّ الحاصل هو التصديق
بأنّ أحدهما لا بعينه في الإناء، و المطلوب بالسؤال هو التصديق[5]بأنّ
أحدهما بعينه فيه، و هذان التصديقان مختلفان بلا اشتباه، إلا أنّه لمّا كان
الاختلاف بينهما باعتبار تعيّن المسند إليه في أحدهما و عدم تعيّنه في الآخر، و
كان أصل التصديق حاصلا، توسّعوا، فحكموا بأنّ التصديق حاصل، و أنّ المطلوب هو
تصوّر المسند إليه أو المسند قيد من قيوده، انتهى.
و طلب التصديق نحو: أ قام زيد؟ و أ زيد قائم؟ فإنّك عالم بأنّ بينهما
نسبة إمّا بالإيجاب أو السلب و تطلب تعيينهما، و لعلّ المصنّف إنّما لم يمثّل
للتصديق نظرا إلى ذلك التحقيق، فتأمّل.
[1] - أحمد بن فارس من أئمة اللغة و الأدب، من
تصانيفه «مقاييساللغة» «المحمل» «الصاحبيفي فقه اللغة» له شعر
حسن، مات سنة 395 ه، الأعلام للرزكلي 1/ 184.