فمصاب مصدر ميميّ مضاف إلى فاعله، و رجلا مفعوله، و جملة أهدي السّلام
نعت رجلا و تحية مفعول مطلق على حدّ قعدت جلوسا، و ظلم خبر أنّ، و ظلوم اسم امراة
منادي بالهمزة.
و لهذا البيت حكاية شهيرة بين أهل الأدب ذكر أبو محمد الحريرى[2]في درّة
الغواص، و هي ما رواه أبو العباس المبرّد. قال: قصد بعض أهل الذمّة أبا عثمان
المازنيّ، ليقرأ كتاب سيبويه عليه، و بذل له مائة دينار على تدريسه إيّاه، فامتنع
أبو عثمان من قبول بذله، و أصرّ على ردّه. قال، فقلت: له جعلت فداك، أتردّ هذه
النفقة مع فاقتك[3]و شدّة إضافتك؟ فقال: إنّ هذا الكتاب يشمل على ثلاثمائة و كذا و كذا
آية من كتاب اللّه، و لست أري إن أمكن منها ذمّيّا غيرة على كتاب اللّه تعالى و
حميّة له، قال فاتّفق أن غنّت جارية بحضرة الواثق[4]بقول العرجيّ [من الكامل]:
فاختلف من بالحضرة في إعراب رجل، فمنهم من نصبه، و جعله اسم إنّ، و
منهم من رفعه على أنّه خبرها، و الجارية مصرّة على أنّ شيخها أبا عثمان لقّنها
إيّاه بالنصب، فأمر الواثق بأشخاصه، قال أبو عثمان، فلمّا مثّلت بين يديه، قال:
ممّن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال أي الموازن؟ أمازن قيس أم مازن ربيعة؟ قلت: من
مازن ربيعة، فكلّمني بكلام قومي، فقال لي با اسمك؟ لأنّهم يقلبون الميم باء، و
الباء ميما، قال: فكرهت أن أجيبه على لغة قومي، لئلّا أواجهه بالمكر. فقلت: بكري
أمير المومنين، ففطن لما قصدته، و أعجب له، ثمّ قال: ما تقول في و قول الشاعر [من
الكامل]:
أ ترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: إنّ الوجه النصب يا أمير المومنين. قال:
و لم ذلك؟
فقلت: إنّ مصابكم مصدر بمعنى أصابتكم، فأخذ اليزيديّ في معارفتي،
فقلت، هو بمترلة قولك: إنّ ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول مصابكم و منصوب به، و
الدليل عليه أنّ
[1] - ينسب هذا البيت إلى العرجي و نسبه آخرون إلى
الحارث بن خالد المخزومي. ظلوم: أصله مبالغة ظالمة، و قد يكون باقيا على أصل معناه
و هو الوصف. و قد يكون منقولا إلى اسم امراة كما اختاره المؤلف. اللغة:
مصابكم: مصدر ميمي بمعنى الإصابة.
[2] - أبو محمد قاسم بن على الحريرى المتوفى سنة
516 ه، أديب من أهل البصرة، من أدباء بدء الانحطاط، أشهر مؤلّفاته «المقامات» من كتبه «درّةالغواص في أوهام الخواص»
بغية الوعاة 2/ 257.