نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 409
و الكسائي و الفرّاء و على بن المبارك الأحمر[1]و هشام الضرير[2]من الكوفيّين لم يفعلوا ذلك.
و تبعهم على ذلك المتأخّرون من الفريقين و غيرهم من نحاة الأقاليم
كنحاة البغداد و الأندلس، و جرى الكلام في ذلك مع بعض الأذكياء فقال: إنّما تنكّبت
العلماء ذلك لعدم وثوقهم بأنّ ذلك لفظ النبي (ص) لأمرين:
أحدهما:إنّ الراوة جوّزوا النقل بالمعنى، فلهذا نجد القصّة، قال فيها لفظا
واحدا، فنقل بألفاظ بحيث نجزم بأنّه (ص) لم يقل جميعها، نحو ما روى من قوله (ص):
زوّجتكها بما معك من القرآن[3]، أمسكها بما معك، خذها بما معك، و
غير ذلك ممّا ورد من ذلك، فيعلم قطعا أنّه لم يلفظ بالجميع بل لا يجزم بالبعض، بل
يجوز أنّه قال: لفظا غيرها مرادفا لها، لا سيّما مع تقادم الزمان و الاتّكال على
الحفظ، فالضابط منهم من ضبط المعنى، و أمّا من ضبط اللفظ فبعيد، لا سيّما في
الأحاديث الطوال[4]الّتي لم يسمعها الرواة إلا مرّة.
الثاني:أنّه وقع اللحن كثيرا في الحديث، لأنّ كثيرا من الرواة كانوا غير عرب
بالطبع، و لا يعلمون لسانهم بصناعة النحو، و رسول اللّه (ص) كان أفصح الناس، و إذا
تكلّم بلغة غير لغة أهله، فإنّما ذلك مع أهل تلك اللغة على طريق الإعجاز و تعلىم
اللّه تعالى. ثمّ قال: و المصنّف أكثر من الاستدلال بما في الأثر متعقّبا بزعمه
على النّحاة، و ما أمعن النظر في ذلك، و لاصحب من له التمييز في هذا الفن، و لذلك
يضعف استنباطه من كلام سيبويه، انتهى.
و أجاب بعضهم بالمعارضة بأنّ تطرّق الاحتمال الّذي يوجب سقوط
الاستدلال بالحديث ثابت في أشعار العرب و كلامهم، فيجب أن لا يستدلّ بها أيضا، و
هو خلاف الإجماع، قال: و الاستدلال بالحديث أنّما يسقط إذا أثبت المنكر أنّ الحديث
المستدلّ به ليس من لفظه (ع)، و إن لفظه كان كذا، و أنّ الراويّ غيره، انتهى.
[1] - علي بن المبارك المعروف بالأحمر شيخ العربية
و صاحب الكسائي أحد من اشتهر بالتقدّم في النحو و حافظ أربعين ألف شاهد في النحو.
مات سنه 194 ه ق، بغية الوعاة 2/ 159.
[2] - هشام بن معاوية الضرير أبو عبد اللّه النحويّ
الكوفيّ، صنف: مختصر النحو، الحدود، القياس، توفي سنة 209 ه ق. المصدر السابق ص
328.