نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 318
يكن كذلك، و أمّا إذا كان الحرف زائدا فلا يجب معه التأخّر اتّفاقا،
بل يجوز نحو: ما جاءني راكبا من أحد.
حكاية غريبة:
قال التقيّ الشمنيّ في حاشية
المغني: هاهنا حكاية أخبرنا بها إجازة و إن لم يكن سماعا شيخنا العلّامة أبو الفضل
محمد بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن الإمام التلمساني، قال: أخبرنا شيختا القاضي
أبو سعيد العقباني، قال: اجتمعت بمدينة مراكش بيهوديّ يشتعل بالعلوم، فقال: ما
دليلكم على عموم رسالة نبيكم؟ قلت له: قوله (ص):
بعثت إلى الأحمر و الأسود. فقال
لي: هذا خبر أحاد فلا يفيد إلا الظّنّ، و المطلوب في المسألة القطع، فقلت له قوله
تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ
[السبأ/ 28]، قال:
هذا لا يكون حجّة إلا على من يقول
بصحّة تقدّم الحال على صاحبها المجرور بالحرف، و أنا لا أقول بصحته، انتهى.
و أقول: الجواب عن اعتراض إليهوديّ
على هذا الخبر الحقّ أنّه و إن كان أحادا في نفسه، فهو متواتر معنى، لأنّه نقل عنه
(ص) من الأحاديث الدّالة على عموم رسالته ما بلغ قدر المشترك منه حدّ التواتر، و
أفاد القطع بنسبة معناه إليه، و إن كانت تفاصيله أحادا كجود حاتم و شجاعة علي (ع)،
و إذا حصل القطع بنسبة معناه إليه حصل القطع بحقيقته، لأنّ الرسول معصوم، و كلّ ما
هو خبر بالمعصوم حقّ، و عن اعتراضه على الآية هو الاستدلال على صحّة تقديم الحال
على صاحبها المجرور بالحرف.
تنبيهات:
الأوّل: يجب تأخّر الحال أيضا إذا كانت نكرة محصورة، نحو:
وَ ما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ
[الأنعام/ 48]، و كأنّه إنّما أهمل ذكره نظرا إلى أن شرطية عدم الحصر لمّا جوّز
تقديمه من الأبواب ممّا الأصل تأخيره غير مختصّ بالحال، قال في التصريح: و يمكن أن
يجئ هنا خلاف الكسائيّ السابق فيما إذا تقدّم المحصور مع إلا، إذ لا فرق بين الحال
و المفعول.
الثاني: أفهم
كلامه أنّ الحال إذا لم يكن صاحبها مجرورا لم يجب تأخّرها عنه، بل يجوز التقديم، و
هو كذلك بأن كان مرفوعا أو منصوبا، سواء كان ظاهرا أو مضمرا، كجاء ضاحكا زيد، و
ضربت مجرّدة هندا.