نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 144
بالواو، لأنّ المثنّى أكثر دورانا في الكلام من الجمع و الألف خفيفة،
و الواو ثقلية بالنسبة إليه فجعلوا الخفيف في الكثير و الثقيل في القليل، ليكثر
في كلامهم ما يستخفّون و يقلّ ما يستثقلون.
قاله ابن أياز في شرح الفصول: و
فيه نظر إذ لقائل أن يقول: لم لم يجعلوا الألف علامة للنصب أو الجرّ في المثنّى، و
الواو كذلك في الجمع مع بقاء هذا التعليل، فيحتاج إلى تعليل آخر، نعم هذا يصلح
تعليلا لجعل الألف علامة للتثنية و الواو علامة للجمع، و الصواب أن يقال: «إنّما
أعرب المثنّى و المجموع هذا الاعراب المعيّن، أي بالألف في المثنّى و الواو في
المجموع رفعا، و الياء فيهما جرّا و نصبا، لأنّ الألف كان قد جلب قبل الإعراب في
المثنّى علامة للتثنية و الواو في الجمع علامة للجمع، و هما يصلحان للإعراب كما
مرّ، و أسبق إعراب الرفع، لأنّه علامة العمدة، فجعلوا ألف المثنّى و واو المجموع
علامة للرفع فيهما، فلم يبق إلا الياء للجرّ و النصب فيهما، و الجرّ أولي بها، إذ
علامته الأصلية الكسرة، و هي بعض الياء، و حمل عليه النصب، لكونها علامتي الفضلات.
و فرّق ما بين المثنّى و المجموع
بأن فتحوا ما قبل الياء في التثنية لخفّة الفتحة و كثرة المثنّى، و كسروه في الجمع
لثقل الكسرة و قلّة المجموع، و كسرت النون المزيدة لرفع توهّم إضافة أو افراد في
المثنّى، لأنّها ساكنة في الأصل، و الأصل في تحريك الساكن أن يكون بالكسرة، و فتحت
النون المزيدة أيضا لدفع توهّم إضافة أو افراد في الجمع للفرق في نحو المصطفين و
طرد الباب في الباقي.
حدّ ما لا ينصرف:
«و» أمّا «الفتحة»
فتكون علامة للجرّ نيابة عن الكسرة عند تعذّرها «في»
موضع واحد، و هو «غير المنصرف»، و يقال: ما لا ينصرف، و هو ما
فيه علّتان مؤثّرتان من علل تسع، أو واحدة تقوم مقام العلّتين، و سيأتي بيانها إن
شاء اللّه تعإلى في آخر الحديقة الثانية، سواء كان مفردا أو جمع تكسير كقوله
تعالى: وَ أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ
[النساء/ 163]، ويَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ
وَ تَماثِيلَ [سباء/ 13]، و إذا دخلت عليه أل أو أضيف، جرّ بالكسرة، كما سيأتي،
نحو: وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [البقرة/
187]، خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
[التين/ 4].
[2] - جمال الدين أبو محمد حسين بن بدر بن أياز بن عبد اللّه النحوي
المتوّفى سنة 681، من تصانيفه: قواعد المطارحة، و الإسعاف في الخلاف، و له شرح
فصول ابن معط. بغية الوعاة 1/ 532.
الحدائق
الندية في شرح الفوائد الصمدية، ص: 145
الكلام على عرفات:
تنبيهات:
الأوّل: قيل يرد عليه نحو: عرفات من قوله تعإلى:
فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ [البقرة/ 198] لكونه غير منصرف، و
جرّه بالكسرة، و قد يجاب بأنّا لا نسلم أنّ عرفات غير منصرف، بل منصرف كما صرّح به
الزمخشريّ و غيره، أو يوصف بالانصراف و عدمه، كما ذهب إليه بعضهم، قاله الدمامينيّ
في شرح التسهيل.
قال بعض المحقّقين: و الأوجه أن
يجاب بأن الغرض، كما هو ظاهر، بيان غير منصرف من حيث إنّه غير منصرف، و جرّ مثل
عرفات بالكسرة على القول: بأنّه غير منصرف، كما ذهب إليه الجمهور، و اختاره ابن
الحاجب و ابن مالك و غيرها ليس من هذه الحيثيّة، بل هو من حيث إنّه كان في الأصل
يجرّ بالكسرة، فقصد استصحاب ذلك الحكم، انتهى.
الثاني: قال
بعضهم: الّذي لا يندفع مثل جوار من نحو: مررت بجوار، فإن الفتحة ليست علامة للجرّ
نيابة عن الكسرة لا لفظا و لا تقديرا، و إلا كان مفتوحا لفظا لخفّته، انتهى.
و أجيب بأنّ الفتحة مقدّرة، و إن
كانت في نفسها خفيفة، لكنّها لمّا كانت هنا نائبة عن الكسرة الّتي حقّ هذه الكلمة
أن تعرب بها، و الكسرة على الياء ثقيلة بلا شكّ، أعطي نائبها، و هو الفتحة، حكمها
في الاستثقال، فقدّرت على أنّ المفهوم من كلام المصنّف، فيما سيأتي، أنّ المقدّر
هنا في حالة الجرّ هي الكسرة لا الفتحة، كما ستراه.
[فصل في] علامة الجزم
ص: و علامتها الجزم: السكون، و
الحذف، فالسكون في المضارع صحيحا، و الحذف فيه معتلا، و في الأفعال الخمسة.
ش: «و علامتا
الجزم»و هو حذف الحركة أو الحرف للجازم اثنتان. أصالة و نيابة، إحداهما:
«السكون» و هو حذف الحركة، و هو الأصل، لذا قدّمه. و الثانية:
الحذف و هو إسقاط حرف العلة أو
النون للجازم، و هو فرع نائب عن السكون، إذ الأصل في الإعراب أن يكون بالحركات أو
بالسكون، و متى كان بالحروف أو «بالحذف» كان على
خلاف ذلك.