الحكيمة التي يطرحها الرجل الاكبر منه سنّاً وتجربة، أي انّ عليه ان يجدّ ويعمل ليلًا ونهاراً في سبيل الوصول الى الكمال.

امّا مرحلة الرجولة فتعني اشياء كثيرة اخرى، وهذه المراحل الثلاث لو حاول الانسان تغييرها، وتبديل نظامها وسيرها الطبيعي؛ كأن يصبح الطفل رجلًا؛ أي ان يعتقد الطفل انّه اصبح رجلًا فتقمّص شخصيّة الكبار وصفاتهم من وقار ورزانة، فانّه يكون بذلك قد عرّض نفسه للتهكم والاستهزاء، ذلك لانّ الانسان عندما يتقمص شخصيّة اخرى غير شخصيته فانّ ذلك يعني انّه لا يعرف قدر نفسه و بذلك فانّه سوف يتعرّض للاستهزاء.

المراحل التي تمرّ بها الامّة:

وهكذا الحال بالنسبة الى الامّة فانّها تمرّ بمراحل مختلفة، وعليها في هذا المجال ان تعتبر بالمراحل التي مرّت بها الامّة الاسلاميّة في عهد النبيّ (ص) والتي كانت مرحلتها الاولى مرحلة العمل في سبيل جذب الناس الى الدين الاسلاميّ، والعمل بسريّة تامّة، وعدم الجهر بالاسلام، امّا المرحلة الثانية فقد كانت مرحلة الهجرة، ثمّ مرحلة الحرب، واخيراً مرحلة السياسة.

كلّ تلك المراحل التي مرّت بها الامّة الاسلاميّة كانت لها مواصفاتها وشروطها وظروفها وواجباتها، فلو انّ قائداً دخل بالامّة الاسلاميّة في المرحلة الاولى ثمّ اراد ان يطبّق واجبات المرحلة الاخيرة لكان مصيره الفشل، ولو ان رجلّا اعتنق الاسلام ثم شهر سيفه ليدخل الناس في الاسلام بالقوة، فانّ هذا الرجل لم يماش عصره، وبتعبير آخر انّه شخص غير عصريّ، لأنه لا يعيش متطلّبات عصره، بل انّه يتجاوز مرحلته.

وعلى هذا الاساس فانّ الامّة تمرّ بمراحل، كما انّ الفرد يمرّ بمراحل، والحياة تمرّ بمراحل، ولايضاح هذه الفكرة نقول ان (70%) من المخترعات الحديثة لم تكن موجدوة قبل سبعين عاماً، وهذا يعني ان حياة الانسان في ذلك العصر كانت تختلف