مَنَعَ رِفْدَهُ وَأَكَلَ وَحْدَهُ وَجَلَدَ عَبْدَهُ، أَحْسِنِ الظَّنَّ بِاللهِ فَإِنَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللهِ كَانَ اللهُ عِنْدَ ظَنِّهِ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قُبِلَ مِنْهُ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَمَلِ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَؤُونَتُهُ، وَنُعِّمَ أَهْلُهُ، وَبَصَّرَهُ اللهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَدَوَاءَهَا، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَام. لَيْسَ لِبَخِيلٍ رَاحَةٌ وَلَا لِحَسُودٍ، لَذَّةٌ وَلَا لِمَلُولٍ وَفَاءٌ، وَلَا لِكَذُوبٍ مُرُوَّة» [1]
. وقال عليه السلام: «إِنَّ أَوْحَشَ مَا يَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: يَوْمَ يُولَدُ وَيَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَيَرَى الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَمُوتُ فَيُعَايِنُ الْآخِرَةَ وَأَهْلَهَا، وَيَوْمَ يُبْعَثُ فَيَرَى أَحْكَاماً لَمْ يَرَهَا فِي دَارِ الدُّنْيَا. وَقَدْ سَلَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى يَحْيَى عليه السلام فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ المَوَاطِنِ وَآمَنَ رَوْعَتَهُ؛ فَقَالَ في يحيى:
وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً [2]، وفي عيسى: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً [3]».
«لَا يَتِمُّ عَقْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ عَشْرُ خِصَال:
الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ، يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْخَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ، لَا يَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَيْهِ، وَلَا يَمَلُّ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ دَهْرِهِ، الْفَقْرُ فِي اللهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى، وَالذُّلُّ فِي اللهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعِزِّ فِي عَدُوِّهِ، وَالْخُمُولُ أَشْهَى إِلَيْهِ مِنَ الشُّهْرَةِ.
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: الْعَاشِرَةُ وَمَا الْعَاشِرَةُ؟
قِيلَ لَهُ: مَا هِيَ؟
قَالَ عليه السلام: لَا يَرَى أَحَداً إِلَّا قَالَ: هُوَخَيْرٌ مِنِّي وَأَتْقَى؛ إِنَّمَا
[1] في رحاب أئمة أهل البيت، ص 148.
[2] سورة مريم، الآية: 15
[3] سورة مريم، الآية: 33.