responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 47

باء: دور الهوى في تضليل الإنسان:

والمصدر الثاني للفكرة هو ما بالنفس من الجهل والغفلة والركون إلى الشهوات. وينبغي لنا أن نقدم عدة ملاحظات أولية لكي نعرف بوضوح تام كيف ينقد العقل الفكرة الصادرة عن المصدر الثاني (النفس).

1- بين العلم والحب:

إن المعرفة هي النور الكاشف للحقيقة. ومعنى ذلك أنها لا تتأثر بالواقع المادي، ولا تتطور حسب تطوره. ولقد قلنا آنفًا: إن الأحكام العقلية جازمة شاملة ثابتة وواحدة عند كل العقلاء، وهي- بهذه الصفات- بعيدة عن التأثر بالواقع المادي. ولهذا تُمثِّل المعرفة جانب القوة في النفس؛ أي جانب الكشف والاستجلاء، لا جانب الضعف الذي يتلخص في التأثر والتطور والاستسلام لمقتضيات الظروف. فالمعرفة تعطي الإنسان قوة كبيرة لإخضاع الظروف المحيطة به، وإنما قام الإنسان بإنجازاته الباهرة بعلمه.

والإنسان يشعر- عندما يكشف الحقيقة- أنه أوتي قوة كبيرة .. وجاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع):

«خَلَقَ اللهُ الْعَقْلَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ، وَالنُّورِ، وَالمَشِيَّةِ بِالْأَمْرِ ...»

[1]، وبالمقابل فإن للنفس البشرية جانبًا آخر هو جانب التأثر والانفعال، جانب الضعف والسلبية. إنه جانب الهوى والشهوات، جانب الحب والرغبات. لأن هذا الجانب هو الذي يدع الإنسان يخضع للظروف ويتطور حسبها. ذلك لأنه متى ما أحب الإنسان شيئًا تأثر به بقدر حبه له، ووجب عليه أن يُعطي من ذاته تنازلًا له.

إذن، فطبيعة الحب تختلف عن المعرفة، لأنهما يمثلان جانبين مختلفين في النفس. صحيح أن الإنسان لا يقدر على تمييز ذلك في كل وقت، وصحيح أن ذلك بحاجة إلى أنواع من التجرد الموضوعي والنقد الذاتي، كما أنه بحاجة إلى التفكر الممنهج. إلَّا أنه لدى ممارسة التمييز فترة طويلة يسهل ذلك على النفس حتى يبدو العلم والحب بعيدين عن أحدهما، مميزين عن بعضهما. وفي الأمثال التالية، بعض الفوارق العملية التي تعتبر نوعًا من التجربة الذاتية في حقل التمييز بين الحب والعقل:


[1] بحار الأنوار: ج 1، ص 98.

نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست