وأخيراً؛ وجد الفكر الفلسفي لدى المسلمين منزلة الذي ألقى فيه عصاه واستراح، وذلك عند فلسفة الإشراق التي بلورها وعبّر عنها بقوة شهاب الدين يحيى السهروردي الذي قتل عام (1191) بحلب، والذي قال عنه تلاميذه: إنه استنفذ في رسالته (المشارع) مضامين حكمة الأوائل والأواخر، وأبطل مزاعم الفلاسفة المشائيين وأعاد تعليم قدماء الحكماء إلى نصابه على نحو لم يسبق إليه أحد [1].
ما هي فلسفة الإشراق؟ وكيف انبثقت على يد السهروردي؟ وما هي تطوراته التي رست على شاطئ صدر المتألهين الشيرازي؟ إنها الأسئلة التي يبحث عنها هذا الفصل.
ما هي فلسفة الإشراق؟
في النفس البشرية آفاق واسعة، من الفطرة التي جبل عليها الإنسان، إلى الشعور الذي تتجلى فيه الفطرة عند التلاقي مع الحقائق الخارجية، إلى التجربة التي تنظم شتات الشعور، إلى العقل الذي يحفظ التجارب، إلى الوجدان الذي يقيم التجارب، وإن شئت سميت الوجدان: العقل أو المسبقات العقلية.