تذكرهم لعذاب الهون الذي ينتظر أعداءهم كانت آلامهم ومصائبهم تخفف
عنهم. وقدوتهم في ذلك الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، حيث كان الطاغية
هارون العباسي يدعوه لاعلان طلب العفو حتى يطلق سراحه من غياهب السجون التي مر على
وجوده فيها حوالي أربعة عشر سنة بآلامها وفضاعتها، إلا أنه لم يستجب له، وكله
أيمان وصمود وتحدي. لأنه يرى بقائه في السجن يقرّبه الى الله تعالى، وهو في ذات
الوقت يقرّب هارون العباسي في النار؛ لذا لم يقل السجن عزيمته، ولم ينقص من همته.
هذا هو الصبر، وهذه هي حالة تجاوز الزمن الراهن والعبور إلى الزمن
المستقبل الأفضل، إذ المسقبل ليس حكراً على الدنيا فقط، بل إن المستقبل الحقيقي هو
في الآخرة، وما الدنيا- بما فيها- إلا محطة عبور.