لاختياره، فإنها رغم كثرتها وشدة التأثير فيها، تبقى حالة اقتضاء
وليست حالة حتم. وهكذا كان الإنسان مسؤولًا عن اختيار عقيدته، مهما شكَّلت سائر
العوامل الاقتضائية عليه من ضغوط، كالمجتمع والاقتصاد والسياسة وتراث الآباء.
إن عبادة الهوى تتشكَّل- كما سبق القول- على هيئة صنم أو طاغوت أو
عنصرية أو ما أشبه، ولكن الموجِّه له في كل هذه الهيئات إنما هو هواه المطاع من
دون الله.
2
-
مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
ونستلهم من هذه الكلمة، بصائر شتى:
أولًا: إن نافذة التأثير في الإنسان لترك
عبادة الله سبحانه إلى عبادة الأنداد، هي اتِّباع الهوى. فإنك لا تجد من يعبد
الطاغوت حبًّا له، إنما خشيةً منه أو طمعًا. والخشية والطمع هي من عوارض الهوى.
ثانيًا: إن اتِّخاذ الأنداد (عبادة الهوى
مثلًا) لا يعني بالضرورة الركوع والسجود وإقامة الشعائر لهم، بل إنما هو الاسترسال
في الاتِّباع.
ثالثًا: السبيل إلى إخلاص العبودية لله
سبحانه يتمثَّل في نهي النفس عن الهوى، كما قال ربنا سبحانه:
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40)
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[1].
وبعد هذا يُبيِّن لنا السياق القرآني حقيقة أخرى وهي: