أما نوح النبي عليه السلام فكان أول أولي العزم من الأنبياء، وكان
كان كثير الخشية من الله، شديد البكاء من خشيته حتى عُدَّ من البكائين، فسُمِّي
نوحًا لكثرة نَوْحِهِ، ولكن قومه كذَّبوه.
1
-
وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ.
قوم نوح الذين تُشير الشواهد التاريخية إلى إقامتهم في بلاد النهرين،
قد كذَّبوا الرسل. مما يعني أحد أمرين:
- إما أن قوم نوح لم يأتهم رسول واحد فقط هو نوح، وإنما الحقبة
الزمنية التي امتدت إلى تسعمائة وخمسين سنة قد شهدت بعثة العديد من الرسل إليهم،
وكانت رسالة نوح عليه السلام مهيمنة على أولئك الرسل.
- وإما أن التكذيب بنبي واحد يساوي التكذيب بالرسل جميعًا.
ورغم وجود النبي نوح عليه السلام، ورغم تواتر الرسل، ولكن قومهم
كذّبوهم جميعًا، وظلوا على أصنامهم عاكفين، وعلى مصالحهم الدنيوية الباطلة حريصين،
غافلين عن أن رسالات هؤلاء الأنبياء والرسل كفيلة بتحقيق مصالحهم الدنيوية عبر
الطرق الشرعية، إضافة إلى تأمين سعادتهم الأخروية، إلَّا أن وساوس الشيطان وأماني
النفوس الأمَّارة بالسوء منعتهم دون الانقياد إلى الرسل.
ومن المعروف لمن كان له قلب، أن الخير من الله المنعم المفضل .. أما
النقمة والضلال والشر، فمرده إلى الإنسان نفسه وسوء أفعاله.