responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 57

القدرة، وطوع له ما في الأرض، وتلك هي شروط عمارة الأرض وبناء المدنيّة، وليس النظام الفاسد سوى سارق لخيرات الناس، وهاد لهم إلى الهلكة. ولولا رفض الناس للنظام الفاسد، وعودتهم إلى الطريق المستقيم فإن المدنية مهددة بالفناء.

(فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) فمن أسماء الله الحسنى، وكذلك من نعمه الكبرى هي أنه سبحانه وتعالى فتح أمام الناس باب الاستغفار والتوبة، وأعطى الناس القدرة على تصحيح مسيرتهم الضالة، وتطهير آثار الماضي الفاسد، كما أعطاهم الفرصة لفتح صفحة جديدة مع الله، ومع سنن الله، ولنا في هذه الآية وقفتان للتدبر

الأولى‌: إن ما في عالم اليوم من مدنية مزدهرة، ليست بسبب الأنظمة الجاهلية الحاكمة هنا وهناك، وليست بسبب النظام المادي ولا حتى بسبب فصل الدين عن السياسة، أو الانفصال عن الجذور التاريخية، وإنما السبب وراء المدنية والتقدم هو السعي من أجل عمارة الأرض عبر الالتزام بسنن الله الصالحة، كالعمل والاجتهاد والتعاون والتطلع، وما دامت هذه الشعوب ملتزمة بهذه السنن فهي تحافظ على مكاسبها، وحين تنحرف وتعوض عن السعي بالفخر، وعن الاجتهاد بالغرور، وعن التعاون والتطلع بالمفاخرة والاستغلال، فإنها مهددة بفقدان مكاسبها، وهذه الحقيقة تدعونا إلى الاعتقاد بأن الأنظمة المادية، والعادات الجاهلية السائدة على الشعوب المتقدمة سوف تضيع مكاسبها وتفسد مدنيتها، وإن بداية الضياع هو تجيير جهود الناس ومساعيهم لمصلحة فئة الأغنياء المتسلطين في بعض البلاد، أو حزب المستكبرين الحاكم في بلاد أخرى.

الثانية: إن الحضارات البشرية تبدأ بتطبيق سنن الله في تسخير الحياة كالسعي والتعاون ولكنها تنسى دور هذه السنن في تقدمها، وتتوجه إلى الأصنام وتزعم أنها هي واهبة التقدم والرفاه، وهذا الانحراف عادة بشرية تكاد تكون سنن ثابتة لولا حرية البشر التي تتحداها، ولولا رسالة الله التي تذكر البشر بهذه الحرية، ومن هنا لا يعترف الإسلام بحتمية الانهيار في الحضارات، بل يضع لها فرصة الاستمرار عن طريق إصلاح نفسها، والتوبة إلى سنن الله، وهذا ما تشير إليه هذه الآية التي تعطي المزيد من الأمل في الاستمرار في نهايتها وتقول: إن الله قريب مجيب، أي أن إصلاح الفاسد، وتجديد الحضارات (بالاستغفار والتوبة) أيسر مما يزعم البشر.

ضلالة الآباء أم هدى الرسالة

[62] وكان قوم صالح غارقين في الماضي يعتزون بأمجادهم الغابرة، ويقلدون آباءهم، ولذلك عادوا صالحا بالرغم من ثقتهم بشخصه.

نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 4  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست