[89] (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا
الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) ومن معاجز القرآن إنه يحدثنا عن كل
شيء، ويضرب لنا الأمثلة في كل ناحية، لذلك كان القرآن واقعي التشريع، صحيح
المنهج، فواضعه علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية في السماوات والأرض.
لأن منطلق الناس في تقييم القرآن هو منطلق مادي بحت، وهم يظنون أن
القرآن يجب أن يوزن بمقدار الذهب، ومكاييل الفضة، ومساحات العقار، وهذا هو نمط
تفكيرهم المنحرف.
حوار العاجزين
[90] (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ
لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً) يبدأ المعارضون في طرح أفكارهم
التبريرية، وشروطهم التعجيزية في محاولة يائسة للتنصل من مسؤوليات الإيمان
بالرسالة، فبدل أن يسألوا عن تطلعات الرسالة، وبرامجها في الحياة يطلبون من الرسول
أن يفجر لهم ينبوعا من الماء، وما قيمة الينبوع أمام منهج الحياة، وتنظيم السلوك
والمجتمع؟!.
[91] (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ
وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً) وهنا تتجلى
بوضوح مادية النمط التفكيري للكفار، فهم يطالبون بالماء والنخيل والجنات والأنهار
لتكون شواهد على صدق الرسالة، ولكن السؤال الذي يطرح على أمثال هؤلاء هو: ماذا
يعني تفجر الينابيع بالنسبة للرسالة؟ وما علاقة مبدأ الرسالة وأحقيتها بهذه
المطالب المادية؟ وهل تصلح هذه لكي تكون شواهد صدق على عصمة الرسالة وعظمتها؟.
[92] (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ
عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا)
ويستمر السفه الفكري، والخواء الثقافي النابع من المنطلقات المادية للمجتمعات
الكافرة، فهم تارة يطلبون ينابيع الماء، وفي أخرى يطالبون بالجنات والأنهار، ويبلغ
بهم السفه حدا يطالبون بحضور الله وملائكته عندهم ليتأكدوا صدق الرسالة (!!) إنهم
قوم لا يؤمنون إلا بالمحسوس، وأما غير ذلك فهم به كافرون، والقرآن يدعوهم لإثارة
عقولهم، والتخلي عن هذه المنطلقات السخيفة في تقييم الأفكار وأبعاد الحياة.
[93] (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ
تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا
كِتَاباً نَقْرَؤُه) ومن مقومات الرسالة والرسول عند أمثال هؤلاء:
امتلاك الوسائل