وكلمة (الدِّينُ وَاصِباً) في السياق
تدل على ما استوحاه العلامة الطباطبائي من معنى التشريع في الشرك.
[46] والبشر بحاجة إلى الكسب، والاكتساب محفوف
بالأخطار، والله سبحانه يحفظ الإنسان حين يسعى لرزقه، ولكنه إذا شرع لنفسه قوانين
باطلة لسعيه، فقد يتركه الله فريسة للأخطار.
(أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) أي في سيرهم
في البر والبحر لاكتشاف الرزق. (فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ)
لا يهربون من ملاحقة العذاب، ولا يفلتون من يد العقوبة.
أنواع العذاب الإلهي
[47] عذاب الله ألوان
الأول: العذاب الفجائي الذي لا ينتظره،
ويأتي من دون سابق إنذار مثل الخسف والزلازل.
الثاني: العذاب الذي يسببه البشر بأخطائه
كأن يركب البحر فتنقلب به السفينة.
الثالث: العذاب التدريجي كأن يعذب الله أمة
بالقحط فيموتوا بالتدريج. ولكل لون من العذاب ألم خاص يدعنا نتحذر منه، وقد حذرنا
القرآن منها جميعا. فعن اللون الأول من العذاب والثاني حذرتنا الآية الأولى
والثانية، أما عن اللون الثالث فيقول سبحانه (أَوْ
يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ).
قال الطبرسي: (التخوف والتنقص وهو أن يأخذ الأول فالأول حتى لا يبقى
منهم أحد، وتلك حالة يخاف منها الفناء ويتخوف الهلاك، ويقال: تخوفه الدهر)
[1].
وجاء في الحديث المأثور عن الإمام الباقر عليه السلام بوصيته لجابر
بن يزيد الجعفي، قوله: إن أمير المؤمنين عليه السلام قال
والواقع أن معنى التخوف الأصلي هو التيقظ اشتقاقا من كلمة الخوف،
ولكن يسمى الهلاك التدريجي بذلك، لأن الإنسان يخشاه ويسعى جهده لتجنبه، فلا يستطيع
ذلك مما يسبب