(وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الكتاب لفظ
يؤدي إلى معنيين: المعنى الأول: هو اللوح المحفوظ، والمعنى الثاني: هو الكتاب، فأم
الكتاب انعكاس لعلم الله بما كان وبما يكون، فالله عالم محيط علما بكل شيء، قبل
وبعد أن يكون، وعلم الله ليس علم الكشف، بل إنه يتعدى إلى المسببات والمؤثرات،
لأنه صانعها، فعلم الله بالمسبب لا ينفي علمه بالسبب فأنا أعلم أن الصخرة تسقط من
علٍ، فعلمي بالسقوط يسمى كشفا، ولكن لا يعني ذلك أني أنا المؤثر في السقوط،
فالمؤثر في السقوط هي الجاذبية.
تكشف هذه الآية فكرة البداء، وتعتبر هذه الفكرة قطب الرحى في الحكمة
الاسلامية وهي أكثر الأفكار تقدمية وحضارية، وأكثر الافكار تربية للبشر، فالذي
يعلم أن الأقدار بيد الله يكون أكثر تحركا، جاء في الأحاديث
1- عن ابن مردوية وابن عساكرعن علي بن ابي طالب عليه
السلام أنه سأل رسول الله صلى الله عليه واله عن هذه الآية، فقال له: (لَأُقِرَّنَ
عَيْنَيْكَ في تَفْسِيْرِهَا وَلَأُقِرَّنَ عَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي
بِتَفْسِيْرِهَا: الصَّدَقَةُ عَلَى وَجْهِهَا وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ وَاصْطِنَاعِ
المَعْرُوْفِ يَحَوِّلُ الشَّقَاءَ سَعَادَةً وَيَزِيْدُ في العُمْرِ وَيَقِي
مَصَارِعَ السُّوْءِ) [1].
2- في قول الله تعالى (يَمْحُوا
اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) عن أبي عبد الله عليه السلام قال