(وَمِنْ الأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ)
والأحزاب هم اليهود والمشركون ممن تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه واله وقد
قال الله سبحانه (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً
لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ
مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)
[المائدة: 82].
الأحزاب هو جمع حزب، ولا يسمي الله المؤمنين مهما كانوا أو اختلفوا
إلا حزباً واحداً لأنهم تجمعهم الأهداف والمنطلقات فهم متحدون في كل شيء، أما
الأحزاب (الجمع) فتطلق للأحزاب التي تعادي الرسالة التي تختلف فيما بينها في كل
شيء إلا معاداة الرسالة، وعندما يقول الله (إِنَّ
حِزْبَ الشَّيْطَانِ) [المجادلة: 19]، فقد ذكر الله الصفة البارزة التي
تجمع أحزاب الشيطان بأنها على اختلاف مشاربها تتفق على قاسم مشترك وهو اتباع
الشيطان، مثل الشرق والغرب يختلفون في كل شيء إلا في استغلال العالم ونهب ثرواته.
هذه الأحزاب تحاول احتواء الرسالة، تفضل الحل الوسط بعد معرفتها بصدق
الرسالة، وهي تأخذ من القرآن ما يحفظ لها مصالحها، ويدعم امتيازاتهم.
(إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ) إليه دعوتي
إن ضاقت بي المسالك، وإليه مآبي ورجوعي في جميع أموري ومعادي.
الحقائق القرآنية في مواجهة الأهواء
[37] (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً)
الحكم هو القضاء، والعربي: بمعنى الإعراب، والإعراب هو الإفصاح، وليس معنى قولنا:
إن القرآن عربي أنه يوافق العرب الجاهليين في اعتقاداتهم.
(وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ
الْعِلْمِ) اللغة عربية ولكن المحتوى إلهي، والعربية لغة وليست مشرعة، أما
التشريع الإلهي فهو علم، والعلم هو معرفة الحقائق وكشفها، والأهواء شهوة عاجلة.