قبل أن نبدأ تفسير القرآن الحكيم، لابد من بحوث تمهيدية، نتناول فيها
كيفية التدبر في آيات القرآن الحكيم، وتلخص هذه المنهج الذي أتبعته في تفسير
القرآن.
وقبل كل شيء نتساءل ما هو القرآن؟.
ولماذا يعجز فهم البشر عن الإحاطة بأبعاد القرآن الحكيم؟.
إن القرآن لم ينزل لجيل واحد أو لقرن معيَّن، بل هو كلام الله العظيم
الذي يمتد مع الزمن من يوم أنشأه الله إلى يوم يرث الأرض ومن عليها، ويمتد مع
البشرية من يوم نزل من السماء مكملا لرسالات الله وحتى يوم البعث، لذلك فإنه كتاب
يسع الجميع ولا يسعه أحد.
ولأن البشر يتكامل فلابد أن يبقى القرآن أمامه دون أن يبلغه أدني
تقدم حضاريًّ أو توغل في آفاق المعرفة، وإذا عجز العقل البشري المحدود عن الإحاطة
بأسرار القرآن جميعا، أفلا تعجز لغته عن صفة القرآن؟ بلى، إن القرآن حين يصف نفسه
يفتح أمامنا آفاقا من المعرفة. إذا أوغلنا فيها فسوف نستطيع أن نعرف المزيد من
خصائص القرآن ومن صفاته المثلى.
ولا يعني ذلك عجزنا عن معرفة أي شيء من القرآن، كلا، بل يعني ضرورة
السير قدما في آفاق المعرفة القرآنية، دون أن نقف عند حد أو أن يصيبنا كلل.
إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يتعب منه قارئه. وكلما ازداد
تلاوة له ازداد إليه شوقا، لماذا؟.
لأنه مع كل قراءة يجده طريًّا جديداً، ويجد فيه علما طارفا، وأفقا
حديثا، بلى، قد يتعب