[255] في حالة الرخاء لا يكتشف البشر شيئا
أما في الشدة فإنه يستثير عقله، ويحاول أن يفهم الحياة بعمق، حتى يرفع حاجته، وإذا
اشتدت حاجة الإنسان واستبدت به الضراء، وأعيته مذاهب الحياة، فإنه- آنئذ- يتوجه
إلى ربه، ويجأر إليه، وتسقط أمامه كل الأصنام التي كان يعبدها.
بهذه المناسبة سمى العرب ربهم ب- (إله) لأنهم يألهون إليه، ويتوسلون
به أشد التوسل، عندما تصيبهم الضراء. والكلمة المفضلة في لغة القرآن للدلالة على
ربنا هي كلمة (الله) وهنا تبدأ آية الكرسي بهذه الكلمة لاستثارة ضمير الإنسان بأن
الذي تجأر إليه وتتوسل به، هو وحده الجدير بأن يكون ربك الحقيقي.
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
ما هي صفات الله؟
يبدو أن لربنا سبحانه الصفات الحسنى، التي تتصل بذاته القدوس. فهو
عالم، قدير، سميع، بصير، يريد ما يشاء، ولا يسأل عما يفعل. وهناك كلمة تشير إلى
هذه الصفات هي الْحَيُ، وله الأسماء الحسنى التي تتصل
بأفعاله ومظاهر خلقه للأشياء. فهو فعال لما يشاء، خالق، رازق، رحمن، رحيم، منعم و
... وتشير إلى هذه كلمة الْقَيُّومُ
والتي تدل على أن الله قائم بذاته فلا يحتاج إلى شيء، وتقوم به الأشياء فلا
يستغني عنه شيء.
وهنا يذكرنا القرآن بالله عبر صفتين الْحَيُّ-
الْقَيُّومُ، ويبين بعضاً من مظاهر هاتين الصفتين
فالله هو الحي، مطلق الحياة، أبدي الحياة، واسع العلم والمقدرة
سبحانه. أنه ربنا، الجدير بنا أن نتخذه ولياً، وليس هؤلاء العباد المربوبين
الأموات، الذين يستبد بهم النوم والجهل، ولا يملكون شيئاً.
وصفة الْقَيُّومُ نابعة من
صفة الحياة، أن الله الحي بذاته، الذي يملك ما في السماوات والأرض، ويحيط علمه بما
فيهما، هو القيوم عليهما.
الْحَيُّ الْقَيُّومُ فمن مظاهر صفة الحي تعاليه عن
النعاس (السنة والنوم) لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ.