responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 168

تسجن العقل في زنزانة الذات وتصور له أن الفكر الصحيح والرأي السليم هو ما يصنعه خيال الإنسان نفسه، وأن الحياة لا عبرة فيها ولا معرفة. وهناك يستكبر الإنسان على تعلم التجارب الجديدة وعلى الاستفادة من تجارب الآخرين أو الانفتاح على معارفهم وعلومهم. ولكي يصور لنا هذه الحالة وأثرها السلبي في قدرة الإنسان على التفكر السليم، يحدثنا عن قصة البعوضة، إنها صغيرة ومتواضعة ولكنها قد تعلمنا أشياء كثيرة.

فإذا استكبرنا وقلنا: ما قيمة البعوضة حتى نتعلم منها، فإننا سوف لا نفهم شيئا إلى الأبد. وإذا طرحنا المسألة بشكل آخر وقلنا: نحن جهلاء والعلم ينفعنا وما يضرنا لو أخذنا العلم من هذه البعوضة فسوف نتعلم الكثير. ولكن كيف ولماذا يستكبر البعض فيضلون وينحرفون؟

الجواب: إن سبب الضلال، هو الفسق، فالفاسق الذي لا يراعي حقوق الآخرين بل يحاول عبادة ذاته، والتطواف حول مصالحه يدور معها أينما دارت، هذا الفاسق هو الوحيد الذي يستكبر، لأنه لا يستطيع أن يرى الآخرين. لا يرى إلا نفسه فقط وكأنها الوحيدة في العالم. فكيف يقدر على الانتفاع بتجارب الآخرين وهو لا يؤمن أساسا بوجودهم.

من هنا يربط منهج القرآن في العلم بين طائفة من الأخلاق وبين العلم حسبما نشرحها في الآية التالية.

أما هذه الآية فتقول* إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فمادام الله يحترم البعوضة ولا يستحي أن يضرب مثلا بها، لأنها تمثل جانبا من الحق، والله لا يستحي من الحق. فمادام الله ربنا لا يستحي من ذلك، فلماذا نستكبر- نحن البشر- على الاستفادة من البعوضة فما فوقها؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ‌ لأنهم آمنوا، ولأنهم يقدسون الحق أنى وجدوه حتى لو وجدوه في البعوضة الصغيرة وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا وكأنهم يستهزئون بالبعوضة ويستصغرون شأنها، يقول الله: كلا إن هذه البعوضة يمكن أن تكون موضع ابتلاء فتشكل خطّاً فاصلا بين طائفتين كبيرتين من الناس‌ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً الذين يؤمنون يستفيدون من البعوضة لأنهم يقدرون الحق ويقدسونه. وأما الكافرون يستكبرون فيتوغلون في الكفر. وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ‌.

من هم الفاسقون؟ في الآية التالية شرح لذلك.

[27] للفاسقين صفة نفسية واحدة. هي عبادة الذات. ولها مظاهر عملية كثيرة أبرزها ثلاثة

نام کتاب : من هدى القرآن نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست