فتحصل
من جميع ما ذكرنا: انه لو شك في زوال عين النجس عن مثل الذباب لزم التفصيل
بين القول بعدم انفعال بدن الحيوان بملاقاة النجس، وبين القول بانفعاله به،
فعلى الأول لا يجرى استصحاب النجاسة، بخلاف الثاني، وحيث ان الثاني هو
الحق عندنا فلا بد من الحكم بنجاسة الملاقي في هذه الصورة. هذا كله ما
تقتضيه القاعدة الأولية.
و أما بالنظر الى الروايات الواردة في هذا المقام فلا بد من الحكم بطهارة
الملاقي مطلقا ولو كان الشك من جهة زوال العين، وقلنا بنجاسة بدن الحيوان،
كـ: موثقة عمار عن أبى عبد اللّه عليه السّلام-في حديث-قال: «كل شيء من
الطير يتوضأ مما يشرب منه، إلا أن ترى في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا
تشرب»[1].
و صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن الدّود يقع
من الكنيف على الثّوب، أ يصلّى فيه؟قال: لا بأس، إلا ان ترى فيه أثرا
فتغسله»[2].
فإنهما تدلان على طهارة ملاقي منقار الطير، ودود الكنيف، الا مع رؤية
النجاسة عليهما، فمع عدمها لا يحكم بالنجاسة مطلقا، كان مع سبق العلم
بالتلوث أو عدمه. بل الغالب في موردهما سبق العلم به، لا سيما في الثاني.
وظاهر الرؤية-بعد إلغاء خصوصية الرؤية بالبصر جزما-هو العلم الوجداني، فلا
يقوم مقامه الاستصحاب لقيامه مقام العلم الطريقي دون ما إذا أخذ على نحو
الصفتية، كما هو ظاهر الروايتين. بل قرينة المورد فيهما تمنع عن
[1]وسائل الشيعة ج 3 ص 527 الباب: 82 من أبواب النجاسات، الحديث: 2.
[2]وسائل الشيعة ج 3 ص 526 الباب: 80 من أبواب النجاسات، الحديث: 1.