بشبهة-لا يحكم بنجاسة عرقه.
و أما المقام الثاني، وهو رفع جنابة الصبي بالغسل، بعد تسليم نجاسة عرقه
إذا أجنب من حرام، فهو مبنى على مشروعية عبادات الصبي. ذهب الأكثر الى ان
عباداته صحيحة ومشروعة، وفي كلمات غير واحد منهم الاستدلال عليها بعموم أو
إطلاق أدلة العبادات، فان كلمة«الناس»أو «المؤمنون»أو الموصولات كـ«من،
والذي»و نحو ذلك تشمل الصبي أيضا، الا ان حديث رفع القلم يدل على رفع
الإلزام عنه، لانه مقتضى الامتنان عليه، فيبقى أصل المطلوبية بحالها، فإذا
قصد القربة بالعبادة صحت، لبقائها على أصل المحبوبية وان زال الوجوب.
و يرد عليه ما أوضحناه في بحث الأصول: من ان الأحكام الشرعيّة اعتبارات
بسيطة يدور أمرها بين الوجود والعدم، فليس الوجوب امرا مركبا من المحبوبية
واللزوم بحيث إذا ارتفع اللزوم بدليل بقيت المحبوبية، بل هو اعتبار الفعل
على ذمة العبد-نظير الدين-فإذا دل الدليل على رفعه فقد دل على رفعه بتمامه،
فحديث رفع القلم يدل على رفع الوجوب عن الصبي، فيحتاج ثبوت أصل المحبوبية
إلى دليل وهذا نظير ما ذكرناه في بحث نسخ الوجوب، فإنه وقع النزاع هناك في
انه إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أم لا. وقد أوضحنا الكلام في ذاك البحث
أيضا، وقلنا: ان الوجوب ليس أمرا مركبا من جواز الفعل مع المنع من الترك،
كي يقال: إذا ارتفع الثاني يبقى الأول، بل هو اعتبار بسيط، فإذا نسخ لم يبق
شيء.
هذا مضافا الى ما ذكرناه في بحث الأصول أيضا: من ان الأحكام الإلزامية-من
الوجوب والتحريم-ليست حكما شرعيا قابلا للوضع والرفع، بل هي إرشاد من العقل
الى استحقاق العقاب على المخالفة فيما إذا اعتبر