كانت
هناك رواية أخرى لنقلها الشيخ في كتبه الحديثية، أو الاستدلالية كالمبسوط
وغيره، ومع عدمه تطمئن النفس بعدم وجود رواية أخرى غيرها. وبذلك يظهر الحال
في الرواية الخامسة، أعني بها مرسلة الشيخ «قده».
و دعوى انجبارها بالعمل، ممنوعة كبرى وصغرى، أما الكبرى فلما مر غير مرة:
من عدم تمامية ما اشتهر من انجبار ضعف الروايات بعمل المشهور، كما ان
اعراضهم لا يكون كاسرا لقوتها. واما الصغرى فلان المراد بالشهرة الجابرة
انما هي في مقابل الندرة، فإذا كان في مقابلها شهرة أخرى فلا يمكن ان تكون
جابرة، كما في المقام. كيف وقد ادعى الحلي-كما تقدم- الإجماع على
طهارته!حتى قال: ان من قال بنجاسته في كتاب رجع عنه في كتاب آخر، فيعلم من
ذلك انه لا شهرة على القول بالنجاسة حتى من القدماء، فلا يصح دعوى الانجبار
بالشهرة رأسا.
هذا مضافا إلى ضعف دلالتها على النجاسة، وذلك لان النهي عن الصلاة في الثوب
الذي عرق فيه الجنب-كما في الرواية الاولى والثانية-أعم من النجاسة،
لاحتمال كونه مانعا عن الصلاة، كما في النهي عن الصلاة في أجزاء غير
المأكول، لأن غايته الدلالة على المانعية فترتفع ذلك بارتفاع موضوعها
بإزالة العرق ولو بغير الغسل بالماء. نعم ما في الفقه الرضوي يدل على
النجاسة، لتحديد عدم جواز الصلاة في الثوب فيه بالغسل، كمرسلة المبسوط
والتحديد به دال على نجاسة المغسول. الا انه لا يمكن العمل بهما لضعف
السند، بل عدم ثبوت الفقه الرضوي رواية، كما تقدم.
و توهم: ان إطلاق النهي عن الصلاة في الثوب المذكور يشمل حتى ما بعد الجفاف ولا يلائم ذلك الا مع نجاسة الثوب، وارتفاعها بالغسل، بعد