الزمني
المتطور فإنه لا يتجه إلى اعتبار ان للعقل-بمعناه العام-أو للتحليلات
العقلية دورا إيجابيا في إدراك الأحكام، أو جعلها، أو استنباطها لأنّ: «دين
اللّه لا يصاب بالعقول»و لان اللّه لم يوكل الإنسان إلى مجرد عقله، فأرسل
له دينا يهتدى به لنفسه، ويتبصر به إلى سبيله. وقد نحا إلى ذلك الفقه
السّني أيضا-في بعض مذاهبه-في خصوص العبادات، باعتبار أنها أمور توقيفية لا
مجال لإدراك العقل لعللها، ولا مسرح للتعليلات العقلية فيها. الاّ اللّهمّ
المستقلات العقلية، باعتبار: «ان كل ما حكم به العقل حكم به الشرع»سواء في
ذلك ما استحسنه العقل استحسانا ذاتيا فأوجبه الشارع ودعا إليه، أو ما
استقبحه-كذلك-فحرمه الشارع ونهى عن ارتكابه.
التعليلات والظنون
الشخصية
كما ان الفقه الشيعي-أيضا-لا يتجه الى اعتماد التعليلات الكيفية- بطريق
أولى-في تشريع الأحكام، واعتبارها مصادر لها صفة الحجية والاعتبار الشرعي،
أو العقلي القاطع.
فليس للذوق ولا للاستحسان وأشباههما-مما يأخذ به الفقه السني -اعتبار شرعي
في تشريع الأحكام واستنباطها، كما انه ليس للمصالح المرسلة، ولا للقياس غير
منصوص العلة-الذي مناطه مظنة العلة-محلا في أصول الأحكام ومبانيها. إذ ليس
للظنون غير المعتبرة حجية في مفهوم الفقه الشيعي، ولا لمطلق الظن أىّ
اعتبار شرعي، ما لم يستند جعله واعتباره الى الشارع الحكيم.
و يتمسك الفقه السنّي بهذه المباني الموضوعة على أساس: ان النصوص والقواعد
العامة، وجميع الإطلاقات والعمومات قاصرة عن ادراك جميع الأحكام.
وهي-بمفردها-لا تستوعب الحوادث الواقعة عبر الزمن، وبدون هذه المباني لا
يمكن ان يستوعب التشريع الإسلامي المتناهي