و
منه الأتراب- جمع الترب- بمعنی الخدن، و منه التریب أی الصدر عند تساوی
رءوس عظامه، و منه التربات و هی الأنامل لتساوی أطرافها، و الواحدة تربة. قوله:
یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ أی صلب الرجل و ترائبه.
لأنّ الولد إنما یتکوّن من ماء الرجل، أی نطفته لا غیر. کما قال تعالی:
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [1] و النطفة ماء الرجل و منیّة ینزله
بشهوة و دفق. صرّح بذلک أهل اللغة. و الأصل: سلالة الماء و زلاله. و
الأکثر استعماله فی النزر منه، و بذلک خصّ إطلاقه علی منیّ الرجل. قال
الراغب: النطفة الماء الصافی، و یعبّر عن ماء الرجل. و فی قوله تعالی:
أَ لَمْ یَکُ نُطْفَةً مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی [2]. و قوله: وَ أَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَیْنِ الذَّکَرَ وَ الْأُنْثی مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنی [3]
تصریح بأنّه مخلوق من ماء الرجل ینزله فی رحم المرأة. و الآیات بهذا الشأن
کثیرة [4]. و قوله: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ [5] أی أخلاط من عناصر شتّی. قال
الإمام الرازی: لا شکّ أنّ أعظم الأعضاء معونة فی تولید المنی هو الدماغ، و
للدماغ خلیفة و هی النخاع، و هو فی الصلب، و له شعب کثیرة نازلة الی مقدم
البدن، و هو التریبة، فلهذا السبب خصّ اللّه تعالی هذین العضوین بالذکر
[6]. و سنذکر أقوال الحکماء المتقدّمین تعقیبا علی کلام الأطبّاء المحدّثین، مشفوعة بروایات تساند هذا القول بصراحة. (1) النحل: 4. (2) القیامة: 37. (3) النجم: 45 و 46. (4) راجع الکهف: 37، و الحجّ: 5، و المؤمنون: 13 و 30، و فاطر: 11، و یس: 77، و غافر: 67، و الإنسان: 2، و عبس: 19. (5) الإنسان: 2. (6) التفسیر الکبیر: ج 31 ص 129- 130.