وَ
مِنْ کُلِّ شَیْءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ [1] لم یقل من الأحیاء، بل من کلّ
شیء. فالکهرباء فیها الشحنة السالبة و الموجبة. و المغنطیسیة فیها
الاستقطاب إلی قطبین. و فی الذرّة الألکترون و البوزیترون، و البروتون و
النیوترون. و فی الکیمیاء العضویة: الجزیء الیساری و الجزیء الیمینی. و
نعرف الآن المادّة و المادّة المضادّة. و الثنائیة و الازدواجیة فی ترکیب
الأحیاء و الجمادات. یکشف لنا العلم أسرارها کلّ یوم [2]. و لعلّ اللقاح
و التزاوج فی النبات أصبح مشهودا بعد ضرورة اللقاح و التزاوج فی الأحیاء
(الإنسان و الحیوان). قال تعالی: وَ مِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِیها
زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ [3]. و الآیات بشأن أزواج النبات کثیرة [4]. و
ظاهرة التزاوج و اللقاح مفروضة علی کلّ موجود، نباتا کان أم انسانا، أم
ممّا لا یعلمون الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ کُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ
الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ [5]. قال سیّد
قطب: و هذه حقیقة عجیبة تکشف عن قاعدة الخلق فی هذه الأرض- و ربّما فی هذا
الکون، إذ أنّ التعبیر لا یخصّص الأرض- قاعدة الزوجیة فی الخلق. و هی
ظاهرة فی الأحیاء. و لکن کلمة «شیء» تشمل غیر الأحیاء أیضا. و التعبیر یقرّر أنّ الأشیاء کالأحیاء مخلوقة علی أساس الزوجیة. (1) الذاریات: 49. (2) محاولة لفهم عصریّ للقرآن: ص 73. (3) الرعد: 3. (4) الحجّ: 5، و الشعراء: 7، و لقمان: 10، و ق: 7. و الرحمن: 52، و طه: 53. (5) یس: 36.