التمهید فی علوم القرآن - المعرفت، الشیخ محمد هادی

نام کتاب : التمهید فی علوم القرآن نویسنده : المعرفت، الشیخ محمد هادی جلد : 5 صفحه : 93

الدعاء علی الأمر لما فیه من الشوق و التوقان للنفوس. و أمّا ثانیا فجریا علی ما الف من الإیقاظ و التنبیه، لأنّ کل من طالب أمرا من الامور من غیره فلا بدّ من إیقاظه و تنبیهه علیه، لیکون مستعدّا للامتثال له، فلأجل ذلک قدّم النداء علی الأمر علی جهة الإیقاظ و التنبیه ممّا یطلب من المأمورات.
ثم إنه قدّم نداء الأرض علی نداء السماء لما ذکرناه من العنایة بأمر الأرض من تلک الأوجه الخمسة، و قد ذکرناها فأغنی عن تکریرها، و لکونها صارت أصلا لما یرد من هذه الأمور الهائلة من الاغراق و الاستواء للسفینة، و إخراج من کان فیها إلی الأرض.
ثم إنه عزّ سلطانه أردفها بقوله «و غیض الماء» لاتّصاله بقصّة الأرض، و أخذه بحجزتها، فلأجل ذلک أتبعه بها، لمّا فی ذلک من حسن الانتظام، و رونق الرصف، أ لا تری أنّ أصل الکلام: و قیل یا أرض ابلعی ماءک، فبلعت ماءها، و یا سماء أقلعی عن إرسال ماءک، فأقلعت عن صبّه، فلا جرم حسن أن یقال: و غیض الماء النازل من السماء و النابع من الأرض.
ثم إنه جلّ و تقدّس أتبعه بما هو المهمّ المقصود من القصّة، و هو قوله تعالی «و قضی الأمر» و المعنی به أنه أنجز الموعود من إهلاک الکفّار، و نجاة نوح و من معه فی السفینة، و إخراجهم إلی الأرض، لما أراد منهم من العبادة و عمارتها، و التناسل فیها.
ثم إنه تعالی أتبعه بحدیث السفینة و ذکرها، و هو قوله تعالی إعلاما لهم بما یرید من الامور التابعة للمصلحة.
ثم إنه تعالی ختم القصّة بالدعاء علیهم بالإبعاد، فلمّا کانت القصّة من أوّلها دالّة علی العذاب العظیم من الإهلاک بالغرق، ختمها بما یجانسها من سوء العاقبة بالإبعاد و الطرد، کما هو موضوع فی أسالیب التنزیل من حسن الفواتح و الخواتم.

نام کتاب : التمهید فی علوم القرآن نویسنده : المعرفت، الشیخ محمد هادی جلد : 5 صفحه : 93

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست