الثابت من ضرورة الربط و التناسب المعنوی هو ما بین آیات نزلن معا، أو
القائم علی أکتاف السورة، و هی الوحدة الموضوعیة الجامعة بین أهدافها و
مقاصدها، کما أسلفنا. أمّا التناسب بین السور بعضها مع بعض- حسب ترتیبها
الراهن فی المصحف الشریف- فلا ضرورة تدعو إلیه، و إن تکلّفه اناس. إذ هذا
النظم السوری القائم شیء صنعه أصحاب الجمع بعد وفاة الرسول (صلّی اللّه
علیه و آله) و لیس مستندا إلی وحی السماء. حسبما قدّمنا. فمن التکلّف
الباهت محاولة اختلاق التناسب بین خواتیم السور و مفتتحات السور التالیة
لها، لأنه التزام بما لا یلزم، فضلا عن کونه تعسّفا فی الرأی و الاختیار. و
أوّل من استنکر زعم التناسب بین السور- فیما نعلم- هو سلطان العلماء الشیخ
عزّ الدین عبد العزیز بن عبد السّلام (توفی سنة 660) قال: المناسبة علم
حسن، و لکن یشترط فی حسن ارتباط الکلام أن یقع فی أمر متّحد مرتبط أوله
بآخره، فإن وقع علی أسباب مختلفة لم یشترط فیه ارتباط أحدهما بالآخر. قال: و من ربط ذلک فهو متکلّف بما لا یقدر علیه إلّا بربط رکیک یصان عنه حسن