کقوله
تعالی: أُولئِکَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدی فَما
رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما کانُوا مُهْتَدِینَ [1]. فقد تمّ الکلام عند
قوله: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ لکنه أوغل فی تفضیع حالتهم، و أفاد زیادة
المبالغة فی ضلالتهم، حیث کان عدم الاسترباح مستندا إلی عدم اهتدائهم إلی
طرق التجارة، و من ثمّ استبدلوا بالخیر شرّا و بالصلاح فسادا. و قوله
تعالی: قالَ یا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِینَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا
یَسْئَلُکُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [2]. حیث قد تمّ المعنی بدون «و
هم مهتدون» إذ الرسل مهتدون لا محالة. لکنه ایغال أفاد زیادة الحثّ علی
الاتّباع و الترغیب فی الرسل. و أنّ متابعتهم لا تستدعی خسرانا أبدا. و
قوله تعالی: أَ فَحُکْمَ الْجاهِلِیَّةِ یَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ
اللَّهِ حُکْماً لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ [3]. قال الزرکشی: قد تمّ الکلام بدون
قوله: «لقوم یوقنون»، غیر أنّ رعایة الفواصل أفادت زیادة معنی، هو: أنّ
أهل الیقین هم الذین یدرکون محاسن أحکامه تعالی، إذ لا یحجب أبصارهم ستار
الجاهلیة و العناد. و قوله تعالی: وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ
إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ [4]. فقد تمّ المقصود بدون «اذا ولّوا مدبرین»
لو لا أنّه أفاد المبالغة فی عدم إمکان الإسماع، لأنّ الأصمّ إذا ولّی
مدبرا کان أبلغ فی تغافله و إعراضه عن الانصیاع للدعوة.