و قوله: الْیَوْمَ تُجْزی کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْیَوْمَ [1]. و قوله: وَ لِتُجْزی کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ [2]. و قوله: کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ رَهِینَةٌ [3]. الآیات
کلّها فی صیاغة عموم، بصورة تأبی عن التخصیص حسب ظاهر تعبیرها حیث فرضت
اعفاء أی حسنة من حسنات العبد ظلما به، حتی و لو کانت ملحوقة بسیئة، إذ لا
تجزی سیئة إلّا بمثلها، أمّا محق جمیع الحسنات فلیس جزاء بالمثل فضلا عن
قبحه العقلی علی ما هو معلوم. و قال تعالی: فَمَنْ یَعْمَلْ مِنَ
الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا کُفْرانَ لِسَعْیِهِ وَ إِنَّا لَهُ
کاتِبُونَ [4] و قد أسلفنا ان مرتکب المعصیة لا یخرج من الایمان فبعموم هذه
الآیة الکریمة تکون أعماله الصالحة جمیعا المتقدمة و المتأخرة مشکورة له
مثبتة فی سجل حسناته محفوظة. و قال: وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی وَ أَنَّ سَعْیَهُ (علی الاطلاق) سَوْفَ یُری [5]. و قال: لِتُجْزی کُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعی [6]. و
قال تعالی: أُولئِکَ الَّذِینَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما
عَمِلُوا، وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَیِّئاتِهِمْ فِی أَصْحابِ الْجَنَّةِ،
وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِی کانُوا یُوعَدُونَ [7]. و لعلها أصرح آیة فی
عموم التوفیة، و ان لا حبط بشأن المؤمن حتی و لو کان مرتکبا للذنب، فان
ذنوبه سوف تغفر و تتدارکه رحمة اللّه الواسعة التی کتبها للذین یتقون. فقد
وعد تعالی- فی هذه الآیة الکریمة- ان یتقبل حسنات المؤمنین و لم یشترط
علیهم العصمة من الذنوب طول الحیاة، کما هو لازم القول بالاحباط (1) غافر:
17. (2) الجاثیة: 22. (3) المدثر: 38. (4) الانبیاء: 94. (5) النجم: 39- 40. (6) طه: 15. (7) الأحقاف: 16.