جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 3 صفحه : 81

شدیدة، فلا یقدر علی الصبر عنها، و تکون ضراوته بنوع آخر منها أقل، فیمکنه الترک بسهولة، فیتوب عنه دون الأول، و ان کان الأول اغلظ و أشد اثما، کالذی شهوته بالخمر أشد من شهوته بالغیبة. فیترک الغیبة و یتوب عنها دون الخمر، فالتوبة عن بعض المعاصی دون بعض مع اختلافهما نوعا بأی نحو کان ممکن و صحیح، و معها یندفع عنه اثم ما تاب عنه، و یکتب علیه اثم ما لم یتب عنه، بل ربما کان أکثر ما وقع من التوبة من هذا القبیل، إذ کثر التائبون فی الاعصار الخالیة و القرون الماضیة، و لم یکن أحد منهم معصوما، فیکون کل منهم جازما بأنه یصدر عنه معصیة البتة. و یدل علی الصحة قوله- علیه السّلام-: «التائب من الذنب کمن لا ذنب له» حیث لم یقل: التائب من الذنوب. نعم التوبة عن بعض الذنوب دون بعض مع تماثلهما غیر صحیح و غیر معقول، لاستوائهما فی حق الشهوة و حق التعرض لسخط اللّه، فلا معنی للتوبة عن أخذ الخبز الحرام، أو عن أخذ الدرهم الحرام دون الدینار الحرام أو عن ترک صلاة الظهر دون العصر، إذ لو کان ذلک صحیحا لصح أن یتوب عن أخذ هذا الخبز دون ذلک الخبز، او عن أخذ هذا الدرهم دون ذلک الدرهم ... و هکذا. و الحاصل: ان التوبة عن بعض الذنوب دون بعض مع تفاوتهما فی العقاب و اقتضاء الشهوة صحیح، و مع تماثلهما فیهما غیر معقول.
و من العلماء من قال: إن التوبة عن البعض دون البعض لا تصح مطلقا، و استدل علی ذلک بأن التوبة عبارة عن الندم، و إنما یندم علی السرقة- مثلا- لکونها معصیة لا لکونها سرقة، و لا یعقل أن یندم علیها دون الزنا ان کان توجعه لأجل المعصیة، اذ العلة شاملة لهما، لان من یتوجع علی قتل ولده بالسیف یتوجع علی قتله بالسکین، لان التوجع هو بفوات المحبوب، سواء کان بالسیف او بالسکین، و کذلک توجع التائب انما هو لفوات المحبوب

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 3 صفحه : 81

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست