و
لا شرع نبیه (ص) سنة فی خلال المناسک علی ترتیب ما شرعه، إلا للاستعداد و
الإشارة إلی الموت و القبر و البعث و القیامة، و فضل بیان السبق من دخول
الجنة أهلها و دخول النار أهلها، بمشاهدة مناسک الحج من أولها إلی آخرها،
لاولی الألباب و أولی النهی» [1].
خاتمة (زیارة المشاهد)
اشارة
فی الإشارة إلی بعض الأمور الباطنة المتعلقة بزیارة المشاهد. اعلم ان
النفوس القویة القدسیة، لا سیما نفوس الأنبیاء و الأئمة (ع)، اذا نفضوا
أبدانهم الشریفة، و تجردوا عنها، و صعدوا إلی عالم التجرد، و کانوا فی غایة
الإحاطة و الاستیلاء علی هذا العالم، فامور هذا العالم عندهم ظاهرة
منکشفة، و لهم القوة و التمکن علی التأثیر و التصرف فی موارد هذا العالم،
فکل من یحضر مقابرهم لزیارتهم یطلعون علیه، لا سیما و مقابرهم مشاهد
أرواحهم المقدسة العلیة، و محال حضور أشباحهم البرزخیة النوریة، فانهم هناک
یشهدون، بَلْ أحیاءٌ عِنْدَ رَبِّهمْ یُرزَقُونَ [2] و بما آتاهم اللّه من
فضله فرحون، فلهم تمام العلم و الاطلاع بزائری قبورهم، و حاضری مراقدهم، و
ما یصدر عنهم من السؤال و التوسل و الاستشفاع و التضرع، فتهب علیهم نسمات
ألطافهم، و تفیض علیهم من رشحات أَنوارهم، و یشفعون إلی اللّه فی قضاء
حوائجهم، و إنجاح
(1) صححنا الحدیث علی (مصباح الشریعة): الباب 21. (2) آل عمران، الآیة: 169.