وَ أمّا مَنْ خافَ مَقامَ ربِّهِ وَ نَهی النَّفْسَ عَنِ الهَوی، فَانَّ الجنَّة هِیَ المَأوی [1]. و
ضده الشره. و الصبر عن فضول العیش، و هو الزهد، و ضده الحرص. و الصبر فی
کتمان السر، و ضده الاذاعة، و الأولان، کالصبر علی المکروه من فضائل قوة
الغضب. و الرابع، من نتائج المحبة و الخشیة. و البواقی، من فضائل قوة
الشهوة- کما یأتی-. و بذلک یظهر: أن من عد الصبر مطلقا من فضائل القوة
الشهویة أو القوة الغضبیة إنما أراد به بعض أقسامه. و یظهر من ذلک: أن
أکثر أخلاق الایمان داخل فی الصبر. و لذلک لما سئل رسول اللّه (ص) عن
الایمان، قال: «هو الصبر، لأنه أکثر أعماله و أشرفها»، کما قال: «الحج
عزم». و قد عرّف مطلق الصبر بأنه مقاومة النفس مع الهوی، و بعبارة أخری:
أنه ثبات باعث الدین فی مقابلة باعث الهوی. و المراد بباعث الدین هو العقل
النظری الهادی إلی طریق الخیر و الصلاح، و العقل العملی المنفذ لأحکامه
المؤدیة إلی الفوز و الفلاح. و المراد بباعث الهوی هو قوة الشهوة الخارجة
عن إطاعة العقل. و القتال دائما بین الباعثین قائم، و الحرب بینهما أبدا
سجال [2]، و قلب العبد معرکته، و مدد باعث الدین من الملائکة الناظرین لحزب
اللّه، و مدد باعث الهوی من الشیاطین الناصرین لأعداء اللّه، فان ثبت باعث
الدین بامداد الملائکة حتی قهر باعث الهوی و استمر علی مخالفته، غلب حزب
اللّه و التحق بالصابرین، و إن تحاول و ضعف حتی غلب باعث الهوی بامداد
الشیاطین و لم یصبر علی(1) النازعات، الآیة: 40- 41. (2) «الحرب بینهم سجال»: مثل مشهور، أی تارة لهم و تارة علیهم.