لا
یخلو من فوائد و آفات، و فوائده من المنجیات و آفاته من المهلکات، و تمییز
خیرها و شرها من المشکلات، إذ من فقده تحصل صفة الفقر، و من وجوده تحصل
صفة الغناء، و هما حالتان یحصل بهما الامتحان. ثم (للفاقد) حالتان:
القناعة، و الحرص، و أحداهما محمودة و الأخری مذمومة. و (للحریص) حالتان:
تشمر للحرف و الصنائع مع الیأس عن الخلق، و طمع بما فی أیدیهم. و إحدی
الحالتین شر من الأخری. و (للواجد) حالتان: إمساک، و إنفاق. و أحدهما مذموم
و الآخر ممدوح و (للمنفق) حالتان: إسراف، و اقتصاد، و الأول مذموم و
الثانی ممدوح و هذه أمور متشابهة لا بد أولا من تمییزها، ثم الأخذ بمحمودها
و الترک لمذمومها، حتی تحصل النجاة من غوائل المال و فتنتها. و من هنا قال
بعض الأکابر: الدرهم عقرب، فإن لم تحسن رقیته فلا تأخذه، فإنه إن لدغک
قتلک سمه. قیل و ما رقیته؟ قال: أخذه من حله، و وضعه فی حقه.
فصل الکتاب و السنة متظاهران فی ذم المال و کراهة حبه،
قال اللّه سبحانه: یا أَیُّهَا الَّذِیْنَ آمَنُوا لا تُلْهِکُمْ
أَمْوالُکُمْ وَ لا أَوْلادُکُمْ عَنْ ذِکْرِ اللّهِ وَ مَنْ یَفْعَلْ
ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [1]. و قال: وَ اعْلَمُوا انَّمَا أَمْوالُکُمْ وَ أوْلادُکُمْ فِتْنَةٌ [2].