جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 2 صفحه : 45

الحیلة فی الرجوع إلیه؟ و لیس الموت عدما، إنما هو فراق لمحاب الدنیا و قدوم علی اللّه، فإذن سالک طریق الآخرة هو المواظب علی أسباب هذه الصفات الثلاث، و هی: الذکر، و الفکر، و العمل الذی یفطمه عن شهوات الدنیا و یبغض إلیه ملاذها و یقطعه عنها. و کل ذلک لا یمکن إلا بصحة البدن، و صحة البدن لا تنال إلا بالقوت و الملبس و المسکن، و یحتاج کل واحد إلی أسباب، فالقدر الذی لا بد منه من هذه الثلاثة إذا أخذه العبد من الدنیا للآخرة لم یکن من أبناء الدنیا و کانت الدنیا فی حقه مزرعة الآخرة، و إن أخذ ذلک علی قصد التنعم و حظ النفس صار من أبناء الدنیا و الراغبین فی حظوظها. إلا أن الرغبة فی حظوظ الدنیا تنقسم إلی ما یعرض صاحبه لعذاب اللّه فی الآخرة، و سمی ذلک حراما، و إلی ما یحول بینه و بین الدرجات العلی و یعرضه لطول الحساب، و یسمی ذلک حلالا. و البصیر یعلم أن طول الموقف فی عرصات القیامة لأجل المحاسبة أیضا عذاب، فمن نوقش فی الحساب عذب، و لذلک
قال رسول اللّه- صلی اللّه علیه و آله-: «فی حلالها حساب و فی حرامها عقاب».
بل لو لم یکن الحساب، لکان ما یفوت عن الدرجات العلی فی الجنة و ما یرد علی القلب من التحسر علی تفویتها بحظوظ حقیرة خسیسة لا بقاء لها، هو أیضا عذاب و یرشدک إلی ذلک حالک فی الدنیا إذا نظرت إلی أقرانک، و قد سبقوک إلی السعادات الدنیویة، کیف ینقطع قلبک علیها حسرات، مع علمک بأنها سعادات متصرمة لا بقاء لها، و منغصة بکدورات لا صفاء لها، فما حالک فی فوات سعادات لا یحیط الوصف بعظمتها و تنقطع الأذهان و الدهور دون غایتها؟ و کل من تنعم فی الدنیا، و لو بسماع صوت من طائر أو بالنظر إلی خضرة أو بشربة ماء بارد، فهو ینقص من حظه فی الآخرة و التعرض لجواب السؤال فیه ذل، و حذر، و خوف، و خطر، و خجل

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : النراقي، المولى محمد مهدي جلد : 2 صفحه : 45

فرمت PDF

شناسنامه

فهرست