لأنه یشعر بنقصان فی نفسه، و النقصان ضد الکمال. الثانی-
ان المدح یدل علی أن قلب المادح ملک الممدوح، و انه مرید له معتقد فیه و
مسخر تحت مشیته، و ملک القلوب محبوب، و الشعور بحصوله لذیذ، و لذلک تعظم
اللذة مهما صدرت ممن تتسع قدرته و ینتفع باقتناص قلبه کالملوک و الأکابر، و
لضد هذه العلة یکره الذم و یتألم القلب به. الثالث- أن المدح سبب اصطیاد قلب کل من یسمعه، لا سیما إذا کان المادح ممن یعتنی بقوله، و هذا یختص بمدح یقع علی الملأ. الرابع-
أن المدح یدل علی حشمة الممدوح و اضطرار المادح إلی إطلاق اللسان بالثناء
علیه طوعا أو قهرا، و الحشمة محبوبة لما فیها من الغلبة و القدرة، فشعور
النفس بها یورث لذة، و هذه اللذة تحصل و ان علم الممدوح ان المادح لا یعتقد
بما یقوله، اذ ما یطلبه یحصل منه، و لضد هذه العلة یبغض الذم أیضا. و
هذه الأسباب قد تجتمع فی مدح واحد فیعظم به الالتذاذ، و قد تفترق فینتقص و
یندفع استشعار الکمال، بأن یعلم الممدوح أن المادح غیر صادق فی مدحه، فان
کان یعلم أن المادح لیس یعتقد ما یقوله بطلت اللذة الثانیة أیضا، و هو
استیلاءه علی قلبه، و بقیت لذة الاستیلاء بالحشمة علی اضطرار لسانه إلی
النطق بالمدح.
فصل علاج المدح و کراهة الذم
اذا علم أن حب المدح و کراهة الذم من المهلکات، فیجب أن یبادر الی العلاج.