کِتَابٍ
مُنِیْرٍ [1]. و قال: وَ إِذَا رَأَیْتَ الَّذِیْنَ یَخُوضُونَ فِی
آیَاتِنَا فَأَعرِضْ عَنْهُمْ حَتَّی یَخُوضُوا فِی حَدِیْثٍ غیْرِهِ [2]. و
الخصومة أیضا إن کانت بحق، أی کانت مما یتوقف علیه استیفاء مال أو حق
ثابت، فهی ممدوحة معدودة من فضائل القوة الشهویة، و إن کانت بباطل، أی
تعلقت بما یدعیه کذبا أو بلا علم و یقین، فهی مذمومة معدودة من رذائلها.
فالخصومة المذمومة تتناول المخاصمة فیما یعلم قطعا عدم استحقاقه، و فیما لا
علم له بالاستحقاق، کخصومة وکیل القاضی، فانه قبل أن یعرف أن الحق فی أی
جانب، یتوکل فی الخصومة من أی جانب کان، و یخاصم من غیر علم و ایقان، فمثله
خبّاط العثرات و رکاب الشبهات، یضر بالمسلمین بلا غرض، و یتحمل أوزار
الغیر بلا عوض، فهو أخسر الناس اعمالا و اعظمهم فی الآخرة أوزارا و نکالا. و
تتناول أیضا مخاصمة من یطلب حقه و لکنه لا یقتصر علی قدر الحاجة، بل یظهر
اللدد و العناد فی الخصومة قصدا للتسلط و الإیذاء، و من یمزج بخصومته کلمة
مؤذیة لا یحتاج إلیها فی إظهار الحق و بیان الحجة، و من یحمله علی الخصومة
محض العناد بقهر الخصم و کسره مع استحقاره لذلک القدر من المال، و ربما صرح
بأن قصدی العناد و الغلبة علیه و کسر عرضه، و إذا أخذت منه هذا المال
رمیته، و لا أبالی، فمثله غرضه اللدد و اللجاج. فتنحصر الخصومة الجائزة بمخاصمة المظلوم الذی یطلب حقه و ینصر حجته بطریق الشرع من غیر قصد عناد و إیذاء، مع الاقتصار علی قدر(1) الحج، الآیة: 8. (2) الانعام، الآیة: 68.