مقتضی الآیات و الأخبار المذکورة، وجوب الأمر بالمعروف و النهی عن
المنکر. و لا خلاف فیه أیضا، إنما الخلاف فی کون وجوبهما کفائیا أو عینیا. و
الحق الأول، کما یأتی. ثم الواجب إنما هو الأمر بالواجب و النهی عن الحرام. و أما الأمر بالمندوب و النهی عن المکروه فمندوب، و إنما یجب بشروط أربعة: الأول-
العلم بکونهما معروفا و منکرا، لیأمن من الغلط، فلا یجبان فی المتشابه،
فمن علم بالقطع الوجوب أو الحرمة، و عدم جواز الاختلاف فیه من ضرورة الدین
أو المذهب أو الإجماع القطعی النظری أو الکتاب و السنة أو من قول العلماء،
فله أن یأمر و ینهی و یحتسب به علی کل أحد و من لم یعلمها بالقطع، بل علمها
بالظن الحاصل من الاجتهاد أو التقلید و جوز الاختلاف فیه، فلیس له الأمر و
النهی و الحسبة، إلا علی من کان علی هذا الاعتقاد من مجتهد أو مقلد، أو
لزم علیه أن یکون هذا الاعتقاد و إن لم یکن علیه بالفعل للجهل، کالمقلد
المطلق لمجتهد إذا لم یعلم بعض العقائد الاجتهادیة لمجتهده، فیتأتی لغیره
إن یحتسب به علیه. و حاصل ما ذکر: أن القطعیات الوفاقیة تأتی لکل أحد أن
یحتسب بها علی کل أحد بعد علمها و غیر القطعیات الجائز فیها الاختلاف و
المرجح أحد طرفیها لاجتهاد لا یتأتی لمجتهدها و مقلده فیها الاحتساب، أی
الأمر و النهی، إلا علی من کان موافقا فی الاعتقاد أو یلزم أن یکون موافقا. الثانی- تجویز التأثیر. فلو علم أو غلب علی ظنه أنه لا یؤثر فیه، لم یجب، لعدم الفائدة.