و اللّه أفضل من الصدقة فی العلانیة» [1]. و قوله- علیه السلام-: کلما فرض اللّه علیک فإعلانه أفضل من إسراره، و کلما کان تطوعا، فإسراره أفضل من إعلانه». و
إنما الکلام فی أن الأفضل للآخذ فی أخذها أن یأخذها سرا أو علانیة. فقیل
الأفضل له أخذها سرا، لأنه أبقی للتعفف و ستر المروة، و أسلم لقلوب الناس و
ألسنتهم من الحسد و سوء الظن و الغیبة. و عون للمعطی علی العمل، و قد علمت
أفضلیة السر علی الجهر فی الإعطاء، و أصون لنفسه عن الإذلال و الإهانة، و
أخلص من شوب شرکة الحضار، فإن المستفاد من الأخبار: أن الحضار شرکاء من أهدی له فی الهدیة. و الظاهر أن الصدقة مثلها إذا کان الحضار من أهلها. قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله: «من أهدی له هدیة و عنده قوم، فهم شرکاؤه فیها». و قال الباقر علیه السلام «جلساء الرجل شرکاؤه فی الهدیة». و قال- علیه السلام-: «إذا أهدی للرجل هدیة من طعام، و عنده قوم، فهم شرکاؤه فی الهدیة: الفاکهة أو غیرها». و
قیل: الأفضل أخذها علانیة، و التحدث بها، لتنقیة الکبر و الریاء، و تلبیس
الحال، و إیجابه الإخلاص و الصدق، و إقامة منة الشکر، و إسقاط الجاه و
المنزلة، و إظهار العبودیة و المسکنة، مع أن العارف ینبغی ألا ینظر إلا إلی
اللّه، و السر و العلانیة فی حقه واحد، فاختلاف الحال شرک فی التوحید. و
الحق أن الحکم بأفضلیة أحدهما علی الإطلاق غیر صحیح، إذ تختلف فضیلة کل
منها باختلاف النیات، و تختلف النیات باختلاف الأحوال و الأشخاص(1)
صححنا أغلب هذه الأخبار المرویة عن أهل البیت- علیهم السلام- فی هذا
المقام علی (الوافی): 6- 282، 284 باب فضل الصدقة و باب فضل صدقة السر.