إذا عرفت تجرد النفس و بقاءها أبدا، فاعلم أنها ملتذة متنعمة دائما أو معذبة متألمة کذلک. و التذاذها یتوقف علی کمالها الذی یخصها، و لما کانت لها قوتان: النظریة و العملیة، فکمال القوة النظریة الإحاطة بحقائق الموجودات بمراتبها و الاطلاع علی الجزئیات غیر المتناهیة بإدراک کلیاتها. و الترقی منه إلی معرفة المطلوب الحقیقی و غایة الکل حتی یصل إلی مقام التوحید و یتخلص عن وساوس الشیطان و یطمئن قلبه بنور العرفان. و هذا الکمال هو الحکمة النظریة.
و کمال القوة العملیة التخلی عن الصفات الردیة و التحلی بالأخلاق المرضیة ثم الترقی منه إلی تطهیر السر و تخلیته عما سوی الله سبحانه. و هذا هو الحکمة