الجبل یستقل منه [1] بالمعاول و المؤمن لا یستقل من دینه شیء». و قال (ع) «إن اللّه فوض إلی المؤمن کل شیء إلا إذلال نفسه». و قد وردت بهذا المضمون أخبار أخر. و علاجه ما تقدم فی معالجة الجبن.
وصل کبر النفس و صلابتها
و ضده (کبر النفس و صلابتها)، و قد عرفت أنه ملکة التحمل لما یرد علیه
کائنا ما کان. و قد دلت الأخبار علی أن المؤمن ذو صلابة و عزة و مهابة، و
کل ذلک فرع کبر النفس. قال الباقر (ع): «المؤمن أصلب من الجبل»، و قال (ع): «إن اللّه أعطی المؤمن ثلاث خصال: العز فی الدنیا و الآخرة، و الفلح فی الدنیا و الآخرة، و المهابة فی صدور الظالمین». و
صاحب هذه الملکة لا یبالی بالکرامة و الهوان، و یتساوی عنده الفقر و
الیسار و الغنی و الإعسار، بل الصحة و المرض و المدح و الذم، و لا یتأثر
بتقلب الأمور و الأحوال. و هی ملکة شریفة لیست شریعة لکل وارد، و لا یصل
إلیها إلا واحد بعد واحد، بل لا یحوم حولها إلا أوحدی من أفاضل الحکماء، أو
المعی قوی القلب من أماثل العرفاء. و طریق تحصیلها- بعد تذکر شرافتها- أن
یتکلف فی المواظبة علی آثارها و الاجتناب عما ینافیها، حتی تحصل بالتدریج.
(1)
تقدم فی صفحة (208) مضمون هذا الحدیث، و رجعنا فیه کلمة (یستفل) بدل
(یستقل) و فسرناها ثم بعد التحقیق وجدنا ذلک الحدیث المتقدم فی أصول الکافی
فی باب صفات المؤمن بکلمة (یستقل)- بالقاف- و کذلک نسخ جامع السعادات هنا و
هناک. و جاء فی البحار (الجزء الأول من المجلد 15- باب علامات المؤمن و
صفاته ص 596) فی شرح هذا الحدیث هکذا: «الجبل یستقل منه: من القلة، أی ینقص
و یؤخذ منه بعضه بالفأس و المعول و نحوهما»