عن
القطع و التحقیق، و حینئذ یعظم خوفه و یشتد ألمه، و إن کانت الخیرات کلها
له میسرة و نفسها عن الدنیا بالمرة منقطعة. و إلی اللّه بشراشرها ملتفتة،
إذ خطر الخاتمة و عسر الثبات علی الحق مما لا یمکن دفعه، و کیف یحصل
الاطمئنان من تغیر الحال، و قلب المؤمن بین إصبعین من أصابع الرحمن، و أنه
أشد تقلبا من القدر فی غلیانها، و قد قال مقلب القلوب: إنَّ عَذابَ رَبِّهِم غَیرُ مَأمُونٍ [1] فإنی للناس أن یطمئنوا و هو ینادیهم بالتحذر، و لذا قال بعض العرفاء: «لو حالت بینی و بین من عرفته بالتوحید خمسین سنة أسطوانة فمات لم أقطع له بالتوحید، لأنی لا أدری ما ظهر له من التقلب» [2].
فصل خوف سوء الخاتمة و أسبابه
قد أشیر إلی أن أعظم المخاوف خوف سوء الخاتمة، و له أسباب مختلفة ترجع إلی ثلاثة:
(الأول) و هو الأعظم، و هو أن یغلب علی القلب عند سکرات الموت و ظهور أ هواله،
إما الجحود أو الشک، فتقبض الروح فی تلک الحالة، و تصیر عقدة الجحود أو
الشک حجابا بینه و بین اللّه تعالی، و ذلک یقتضی البعد الدائم، و الحرمان
اللازم، و خسران الأبد، و العذاب المخلد. ثم هذا الجحود أو الشک إما یتعلق ببعض العقائد الأصولیة، کالتوحید
(1) المعارج، الآیة: 28. (2) نقل هذه الکلمة فی أحیاء العلوم (ج 4 ص 149) عن بعض العارفین و لم یذکر اسمه أیضا.