العرفان! «قد فسد الزمان و أهله، و تصدی للتدریس من قل علمه و کثر جهله، فانحطت مرتبة العلم و أصحابه، و اندرست مراسمه بین طلابه».
أنواع الرذائل المتعلقة بالعاقلة
أما الأنواع المتعلقة بالعاقلة
فمنها: الجهل المرکب
و هو خلو النفس عن العلم و إذعانها بما هو خلاف الواقع، مع اعتقاد کونها
عالمة بما هو الحق، فصاحبه لا یعلم، و لا یعلم أنه لا یعلم، و لذا سمی
مرکبا. و هو أشد الرذائل و أصعبها، و إزالته فی غایة الصعوبة، کما هو ظاهر
من حال بعض الطلبة. و قد اعترف أطباء النفوس بالعجز عن معالجته کما اعترف
أطباء الأبدان بالعجز عن معالجة بعض الأمراض المزمنة، و لذا قال عیسی- علیه السلام-: «إنی لا أعجز عن معالجة الأکمه و الأبرص و أعجز عن معالجة الأحمق». و
السر فیه! أنه مع قصور النفس بهذا الاعتقاد الفاسد لا یتنبه علی نقصانها،
فلا یتحرک للطلب، فیبقی فی الضلالة و الردی ما دام باقیا فی دار الدنیا. ثم
إن کان المنشأ له اعوجاج السلیقة فأنفع العلاج له تحریض صاحبه علی تعلم
العلوم الریاضیة من الهندسة و الحساب، فإنها موجبة لاستقامة الذهن لألفه
لأجلها بالیقینیات فیتنبه علی خلل اعتقادها، فیصیر جهلها بسیطا، فینتهض
للطلب. و إن کان خطأ فی الاستدلال، فلیوازن استدلاله لاستدلالات أهل
التحقیق و المشهورین باستقامة القریحة، و یعرض