برمد
و نحوه فهی محرومة من الأشعة الفائضة عن الشمس، کذلک البصیرة إذا کانت
مءوفة بمتابعة الشهوات و الهوی و المخالطة بأبناء الدنیا فهی محرومة من
إدراک الأنوار القدسیة و محجوبة عن ذوق اللذات الإنسیة».
(و منها) ان یکون تعلمه لمجرد التقرب إلی اللّه و الفوز بالسعادات الأخرویة،
و لم یکن باعثه شیئا من المراء و المجادلة، و المباهاة و المفاخرة، و الوصول إلی جاه و مال، أو التفوق علی الأقران و الأمثال. قال
الباقر علیه السلام: «من طلب العلم لیباهی به العلماء أو یماری به السفهاء
أو یصرف به وجوه الناس فلیتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا
لأهلها» و قال الصادق علیه السلام: «طلبة العلم ثلاثة، فاعرفهم بأعیانهم
و صفاتهم صنف یطلبه للجهل [1] و المراء، و صنف یطلبه للاستطالة و الختل، و
صنف یطلبه للفقه و العقل. فصاحب الجهل و المراء مؤذ ممار، متعرض للمقال فی
أندیة الرجال بتذاکر العلم و صفة الحلم، و قد تسربل بالخشوع و تخلی من
الورع، فدق اللّه من هذا خیشومه و قطع منه حیزومه، و صاحب الاستطالة و
الختل ذو خب و ملق، یستطیل علی مثله من أشباهه، و یتواضع للأغنیاء من دونه،
فهو لحلوانهم [2] هاضم و لدینه حاطم، فأعمی اللّه علی هذا خبره.
(1) (الجهل) هنا بمعنی الجفاء و الغلظة. (2)
قال الشیخ (ملا صالح المازندرانی) فی تعلیقته علی أصول الکافی عن هذا
الحدیث: «الحلوان- بضم الحاء المهملة و سکون اللام- ما تأخذه الحکام و
القضاة و الکاهن من الأجر و الرشوة علی أعمالهم، یقال: حلوته أحلوه حلوانا،
فهو مصدر کالغفران، و نونه زائدة، و أصله من الحلاوة، و فی بعض النسخ
(بحلوائهم)- بالهمزة بعد الألف- و الحلوا.- بالمد و القصر- ما یتخذ من
الحلاوة».