نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 146
و
ارتفعت الأصوات و قوی الضجیج إلی آخر الیوم المذکور، و أخذ البلد دون
القلعتین و غنم الناس منه غنیمة عظیمة، فإنه کان بلد التجار، ففرق بین
الناس اللیل و هجومه و أصبح یوم الجمعة مقاتلا مجتهدا فی أخذ النقوب و أخذت
النقوب من شمالی القلاع و تمکن منها النقب حتی بلغ طوله علی ما حکی لی من
ذرعه ستین ذراعا و عرضه أربعة أذرع، و اشتد الزحف علیهم حتی صعد الناس
الجبل و قاربوا السور و تواصل القتال حتی صاروا یتحاذفون بالحجارة بالید،
فلما رأی عدو اللّه ما حل بهم من الصغار و البوار استغاثوا بطلب الأمان
عشیة الجمعة الخامس و العشرین من الشهر، و طلبوا قاضی جبلة یدخل إلیهم
لیقرر لهم الأمان فأجیبوا إلی ذلک، و کان رحمه اللّه متی طلب منه الأمان لا
یبخل به رفقا، فعاد الناس عنهم إلی خیامهم و قد أخذ منهم التعب فباتوا إلی
صبیحة السبت، و دخل قاضی جبلة إلیهم و استقر الحال معهم علی أنهم یطلقون
بنفوسهم و ذراریهم خلا الغلال و الذخائر و آلات السلاح و الدواب، و أطلق
لهم دواب یرکبونها إلی مأمنهم ورقی علیها العلم الإسلامی المنصور فی بقیة
ذلک الیوم، و أقمنا علیها إلی السابع و العشرین اه. قال ابن الأثیر: و
کانت عمارة اللاذقیة من أحسن الأبنیة و أکثرها زخرفة مملوءة بالرخام علی
اختلاف أنواعه، فخرب المسلمون کثیرا منها و نقلوا رخامها و شعثوا کثیرا من
بیعها التی قد غرم علی کل واحدة منها الأموال الجلیلة المقدار، و سلمها إلی
ابن أخیه تقی الدین عمر فعمرها و حصن قلعتها، حتی إذا رآها الیوم من رآها
ینکرها فلا یظن أن هذه تلک. و کان عظیم الهمة فی تحصین القلاع و الغرامة
الوافرة علیها کما فعل بقلعة حماة اه.
ذکر فتح صهیون
قال القاضی ابن شداد: رحل السلطان عن اللاذقیة طالبا صهیون، و استدارت
العساکر بها من سائر نواحیها فی التاسع و العشرین من جمادی الأولی، و نصب
علیها ستة مجانیق و هی قلعة حصینة منیعة فی طرف جبل، خنادقها أودیة هائلة
واسعة عمیقة، و لیس لها خندق محفور إلا من جانب واحد مقدار طوله ستون ذراعا
أو أکثر، و هو نقر فی حجر، و لها ثلاثة أسوار: سور دون ربضها و سور دون
القلعة و سور القلعة. و کان علی قلعتها علم منصوب، فحین أقبل العسکر
الإسلامی شاهدته قد وقع فاستبشر المسلمون بذلک و علموا أنه النصر و الفتح. و
اشتد القتال علیها من الجوانب فضربها بمنجنیق الملک الظاهر صاحب حلب، و
کان نصب منجنیقا قریبا من سورها فقطع الوادی، و کان
نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 146