نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 133
منتظمة
فیها العلالی المنیفة و القصاب المشرفة قد تفتحت کلها طیقانا، و کل برج
منها مسکون، و داخلها المساکن السلطانیة و المنازل الرفیعة الملوکیة. و
أما البلد فموضعه ضخم جدا حفیل الترکیب بدیع الحسن واسع الأسواق کبیرها،
متصلة الانتظام مستطیلة تخرج من سماط صنعة إلی سماط صنعة أخری إلی أن تفرغ
من جمیع الصناعات المدنیة، و کلها مسقف بالخشب فکأنها فی ظلال وارفة، فکل
سوق منها تقید الأبصار حسنا و تستوقف المستوفز تعجبا. و أما قیساریتها
فحدیقة بستان نظافة و جمالا، مطیفة بالجامع المکرم لا یتشوق الجالس فیها
مرأی سواها و لو کان من المرائی الریاضیة، و أکثر حوانیتها خزائن من الخشب
البدیع الصنعة قد اتصل السماط خزانة واحدة و تخللتها شرف خشبیة بدیعة
النقش، و تفتحت کلها حوانیت فجاء منظرها أجمل منظر، و کل سماط منها یتصل
بباب من أبواب الجامع المکرم. و هذا الجامع من أحسن الجوامع و أجملها،
قد أطاف بصحنه الواسع بلاط کبیر متسع مفتح کله أبوابا قصریة الحسن إلی
الصحن عددها ینیف عن الخمسین بابا فیستوقف الأبصار حسن منظرها. و فی صحنه
بئران معینتان، و البلاط القبلی لا مقصورة فیه فجاء ظاهر الاتساع رائق
الانشراح، و قد استفرغت الصنعة القرنصیة جهدها فی منبره فما أری فی بلد من
البلاد منبرا علی شکله و غرابة صنعته، و اتصلت الصنعة الخشبیة منه إلی
المحراب فتجللت صفحاته کلها حسنا علی تلک الصفة الغریبة و ارتفع کالتاج
العظیم علی المحراب و علا حتی اتصل. بسمک السقف، و قد قوس أعلاه و شرف
بالشرف الخشبیة القرنصیة، و هو مرصع کله بالعاج و الآبنوس، و اتصال الترصیع
من المنبر إلی المحراب مع ما یلیهما من جدار القبلة دون أن یتبین بینهما
انفصال فتجتلی العیون منه أبدع منظر یکون فی الدنیا. و حسن هذا الجامع
المکرم أکثر من أن یوصف. و یتصل به من الجانب الغربی مدرسة للحنفیة
تناسب الجامع حسنا و اتقان صنعة، فیها فی الحسن روضة تجاور أخری، و هذه
المدرسة من أحفل ما شاهدناه من المدارس بناء و غرابة صنعة. و من أظرف ما
یلحظ فیها أن جدارها القبلی مفتح کله بیوتا و غرفا لها طیقان یتصل بعضها
ببعض، و قد امتد بطول الجدار عریش کرم مثمر عنبا، فحصل لکل طاق
نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 2 صفحه : 133