نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 593
و لا تكن ممّن
يعبد اللّه على حرف، فإذا تمكّنت من استعمال الماء في الوضوء فاستشعر أنّك بحسب
مرتبتك عند اللّه في منزلة أباح اللّه لك تناول رحمته و لطفه، و شرع لك تحصيل
العلم الحقيقي الى معرفته و مواقع [1] أحكامه، و فتح لك بابا الى سماء قربه و مناجاته بالماء الّذي نزل
منها لتطهير عباده و تخليصهم من كلّ ما يورث البعد عنه و عن جواره، و كذلك مكّنك
من طهارة الظاهر بالماء الذي هو حياة الأبدان، و الباطن بالعلم الّذي هو حياة
أرواح الإنسان، فأوّل ما ينبغي لك أن تغسل يديك قبل إدخالهما الإناء لتناول تلك
الرحمة و هذا العلم، و تطهّرهما من كلّ [2] شيء سيّما من حولك، و قوتك فاليسرى لا حول عن المعاصي، و اليمنى لا
قوّة على الطاعات الّا باللّه؛
و أيضا،
اليدان محلّ القبض بالشّحّ و البخل و المنع، فينبغي تطهيرهما بالبسط و البذل و
الإيثار و الإعطاء [3]؛
و أيضا،
ينبغي تطهيرهما من الأمور التي أوجب الشرع تركها كالغصب و السرقة و غيرهما، أو ندب
على تركها كالدّنيا و زخارفها.
-
فأنهم بحثوا في ذلك ظاهرا و باطنا فما من حكم قرّروه شرعا في ظواهرهم إلّا و رأوا
انّ ذلك الحكم له نسبة الى بواطنهم ... فعبدوا اللّه بما شرع لهم ظاهرا و باطنا»
(ص 334) و أمّا اعتبارنا بالطهارة قبل إدخالها في الإناء فإنّه بالعلم و العمل
خوطبنا، فالعلم الماء، و العمل الغسل، و بهما تحصل الطهارة فغسلها قبل إدخالها في
أفاء الوضوء هو ما يقرّره في نفسه من القصد الجميل في ذلك الفعل الى جناب الحق
الذي فيه سعادته ...» (ص 337).